فإن قيل: فلم خص الميزان الأحرف الثلاثة دون غيرها؟ فالجواب أنهم لما أرادوا أن يصوغوا مثالاً يكون كالميزان لمعرفة الأصل من الزائد جعلوا ذلك لفظ الفعل لعمومه وشموله كل فعل علاجاً كان أو غير علاج, غريزة كان, أو غير غريزة. قال الله تعالى:{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}[الأنبياء: ٢٣] , فهو أعم ما يعبر به عن الأفعال فوزنوا به لعمومه. فإن قيل: كان الميزان ثلاثياً ولم يكن رباعياً ولا خماسياً؟ فالجواب وجهين:
أحدهما: أن الثلاثي الأكثر تصرفاً من غيره//
الثاني: لو كان رباعياً لما أمكن وزن الثلاثي به إلا بإسقاط, وكذلك الخماسي, فجعل ثلاثياً, وإذا احتيج الوزن الرباعي كررت لامه مرة, وإذا احتيج الوزن الخماسي كررت لامه مرتين, لأن الزيادة أسهل عندهم من الحذف, ولهذا كان القول بزيادة الهاء في "أمهات" أحسن من ادعاء حذفها في "أمات".