إلا بمناجاتي ولا ينظر إلا في عجائب ملكوتي ولا يمد يده إلا بما فيه رضائي ورجله كذلك وقال المناوي يجعل الله سلطان الحب غالياً عليه حتى لا يرى ولا يسمع ولا يفعل إلا ما يحبه الله عوناً له على حماية هذه الجوارح عما لا يرضاه أو هو كناية عن نصرة الله له وتأييده وعنايته وإعانته في كل أموره وحماية سمعه وبصره وجميع جوارحه عما لا يرضاه (وإن سألني لأعطينه) أي ما سأل وقد استشكل بأن جماعة من العباد والصلحاء دعوا وبالغوا ولم يجابوا وأجيب بأن الإجابة تتنوع فتارة يقع المطلوب بعينه على الفور وتارة يقع ولكن يتأخر لحكمة فيه وتارة تقع الإجابة ولكن بغير عين المطلوب حيث لا يكون المطلوب مصلحة ناجزة وفي الواقع مصلحة ناجزة لو أصلح منها (وإن استعاذني) ضبط بوجهين أشهرهما أنه بالنون بعد المعجمة والثاني بالموحدة بعدها (لأعيذنه) أي مما يخاف وهذا حال المحب مع محبوبه (وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن) قال العلقمي في حديث عائشة وميمونة ترددي عن موته قال الخطابي التردد في حق الله غير جائز وأجاب بما حاصله أنه عبر عن صفة الفعل بصفة الذات أي عن الترديد بالتردد وجعل متعلق الترديد اختلاف أحوال العبد من ضعف ونصب إلى أن تنتقل محبته في الحياة إلى محبته للموت فيقبض على ذلك قال وقد يحدث الله في قلب عبده من الرغبة فيما عنده والشوق إليه والمحبة للقائه ما يشتاق معه إلى الموت فضلاً عن إزالة الكراهة عنه فأخبر انه يكره الموت ويسوءه ويكره الله مساءته فيزيل عنه كراهته الموت بما يردد عليه من الأحوال فيأتيه الموت وهو له مريد وإليه مشتاق وجنح ابن الجوزي إلى أن التردد للملائكة الذين يقبضون الروح وأضاف الحق ذلك لنفسه لأن ترددهم عن أمره قالوا وهذا التردد ينشأ عن إظهار كرامة المؤمن على ربه فإن قيل إذا أمر الله الملك بالقبض فكيف يقع منه التردد فالجواب من وجوه أحدها أن معنى التردد اللطف به كان الملك يؤخر القبض فإنه إذا نظر إلى قدر المؤمن وعظيم النفع به لأهل الدنيا احترمه فلم يبسط يده إليه فإذا ذكرا مرر به لم يجد بداً من امتثاله والثاني أن يكون هذا خطاب لنا بما نعقل والرب منزه عن حقيقته بل من جنس قوله ومن أتاني يمشي أتيته هرولة فأراد تفهيمنا تحقيق محبة الرب لعبده بذكر التردد والثالث أن المراد أنه يقبض روح المؤمن بالتأني والتدريج بخلاف سائر الأمور فإنها تحصل بمجرد قوله كن سريعاً دفعة (يكره الموت) أي لشدة صعوبته وكربه وأريده له لأنه يورده موارد الرحمة والغفران والتلذذ بنعيم الجنان (وأنا أكره مساءته) فأشوقه إليه بما ألقيه عليه كما تقدم قال العلقمي قال في الفتح أسند البيهقي في الزهد عن الجنيد مفيد الطائفة قال الكراهة هنا لما يلقى المؤمن من الموت وصعوبته وكربه وليس المعنى أنه كره له الموت لأن الموت يورده إلى رحمة الله ومغفرته اهـ فلما كان الموت بهذا الوصف والله يكره أذى المؤمن أطلق على ذلك الكراهة ويحتمل أن تكون المساءة بالنسبة إلى