وسلم يوم الحديبية من مكة مسلمًا وهو يجر قيوده وكان قد عذب في الله فقال أبوه سهيل بن عمرو: يا محمد أول ما أقاضيك عليه رد هذا إلينا فرد عليه أبا جندل وكان رده عليهم أشق على المسلمين من سائر ما جرى عليهم في الصلح (ولو أني أستطيع) أي ولو ثبتت لي الاستطاعة على (أن أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم) وصلحه يوم الحديبية (لرددته) ولبطلته ولقاتلت قريشًا قتالًا لا مزيد عليه فأعلم الناس سهل بن حنيف بأنه صلى الله عليه وسلم كان قد تثبت يوم الحديبية في القتال إبقاء على المسلمين وصونًا للدماء هذا وهو بمرصاد الوحي وعلى يقين الحق نصًّا بغير اجتهاد ولا ظن فكيف لا يتثبت هؤلاء في قتال الفتنة ومظنة المحنة وعدم القطع واليقين (والله ما وضعنا) معاشر الصحابة (سيوفنا على عواتقنا) في الله أي على مواضع تقليدنا السيف وهو ما بين المنكب والعنق، جمع عاتق قاصدين (إلى أمر) من الأمور (قط) أي في زمن من الأزمنة الماضية (إلا أسهلن) أي إلا أسهلت سيوفنا وأوصلت (بنا) بسهولة (إلى أمر نعرفه) في الشرع (إلا أمركم هذا) يعني القتال الواقع بينهم وبين أهل الشام اهـ نووي (ولم يذكر) محمد (بن نمير) في روايته لفظة (إلى أمر قط) قوله (لقد رأيتني يوم أبي جندل) أشار إلى القصة المعروفة لأبي جندل رضي الله عنه وكان من السابقين إلى الإسلام وكان ممن أقبل إلى بدر مع المشركين فانحاز إلى المسلمين ثم أسر بعد ذلك وعذب ليرجع عن دينه فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية فر عن المشركين وجاءه يرسف في قيوده فقال يا معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلمًا ألا ترون إلى ما لقيت يعني من العذاب الشديد وكان مجيئه قبل الفراغ من كتابة الصلح فسأل النبي صلى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو أن يجيز إبقاءه فامتنع سهيل حتى قال: فوالله لا أصالحك على شيء أبدًا فأخذه سهيل بن عمرو ورجع به إلى مكة ثم لحق أبو جندل أبا بصير حتى فرج الله عنهم وقصة ذلك مفصلة في كتب المغازي راجع الإصابة.
قوله (أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم) يعني في تسليم أبي جندل إلى