المدينة والحال أن الله سبحانه وتعالى لم يحكم (بيننا وبينهم) بإحقاق الحق وإبطال الباطل أي ونرجع حتى يحكم الله بيننا وبينهم قال النووي: قال العلماء لم يكن سؤال عمر رضي الله عنه وكلامه المذكور شكًّا بل طلبًا لكشف ما يخفى وحثًا على إذلال الكفار وظهور الإسلام كما عرف من خلقه رضي الله عنه وقوته في نصر الدين إذلال المبطلين (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يابن الخطاب إني رسول الله) حقًّا وإنما أفعل هذا بوحي من الله ولست أفعله برأي مني (ولن يضيعني الله) أي لن يجعلني الله سبحانه وضيعًا معطلًا عن نصره بل ينصرني (أبدًا قال) سهل بن حنيف (فانطلق عمر) أي ذهب من عند النبي صلى الله عليه وسلم (ولم يصبر) أي على هذه الرذيلة التي شرطت في المصالحة وقوله (متغيظًا) حال من عمر أي ذهب عمر من عند النبي صلى الله عليه وسلم حالة كونه ممتلئ الغيظ والغضب من هذا الصلح (فأتى) عمر معطوف على انطلق أي أتى عمر (أبا بكر) عقب انطلاقه من عند النبي صلى الله عليه وسلم (فقال) لأبي بكر (يا أبا بكر ألسنا على حق وهم) أي المشركون (على باطل قال) له أبو بكر (بلى) أي نعم نحن على حق وهم على باطل (قال) عمر لأبي بكر: (أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال) أبو بكر: (بلى قال) عمر لأبي بكر: (فعلام) أي فعلى أي سبب (نعطي الدنية) والنقيصة (في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم فقال) أبو بكر: (يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدًا) فوافق كلام أبي بكر رضي الله عنه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وقع له مثل ذلك بمناسبات متعددة أخرى وهو من الدلائل الظاهرة على عظيم فضله وبارع علمه وزيادة عرفانه ورسوخه في كل ذلك وعلى كونه صديقًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) الرواي سهل بن حنيف: (فنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح) يعني سورة الفتح (فأرسل)