استحبابًا، وإن كانت الواو لمطلق الجمع في الآية، قال النواوي في هذا اللفظ أنواع من المناسك منها أن السعي يشترط فيه أن يبدأ من الصفا وبه قال الشافعي ومالك والجمهور، وقد ثبت في رواية النسائي في هذا الحديث بإسناد صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ابدؤوا بما بدأ الله به" هكذا بصيغة الجمع، ومنها أنَّه ينبغي أن يرقى على الصفا والمروة وفي هذا الرقي خلاف قال جمهور أصحابنا: هو سنة ليس بشرط ولا واجب فلو تركه صح سعيه لكن فاتته الفضيلة، وقال أبو حفص بن الوكيل من أصحابنا: لا يصح سعيه حتَّى يصعد على شيء من الصفا، والصواب الأول. قال أصحابنا: لكن يشترط أن لا يترك شيئًا من المسافة بين الصفا والمروة فيلصق عقبيه بدرج الصفا، وإذا وصل إلى المروة ألصق أصابع رجليه بدرجها وهكذا في المرات السبع، يشترط في كل مرة أن يلصق عقبيه بما يبدأ منه وأصابعه بما ينتهي إليه (فبدأ بالصفا فرقي) من باب رضي أي صعد (عليه) أي على الصفا (حتَّى رأى البيت) أي الكعبة من باب الصفا (واعلم) أن كثيرًا من درجات الصفا دفنت تحت الأرض بارتفاعها حتَّى أن من وقف على أول درجة من درجاتها الموجودة أمكنه أن يرى البيت فلا يحتاج إلى الصعود وما يفعله بعض أهل البدعة والجهلة من الصعود حتَّى يلتصقوا بالجدار فخلاف طريقة أهل السنة والجماعة، واعلم أيضًا أن الصعود كان في الزمان الأول أما الآن فمن وقف على الدرجة الأولى بل على أرضها يصدق أنَّه طلع عليها اهـ من شرح اللباب (فاستقبل) هو صلى الله عليه وسلم (القبلة) أي الكعبة، فيه وضع الظاهر موضع المضمر تنصيصًا على أن البيت قبلة وتنبيهًا على أن المقصود بالذات هو التوجه إلى القبلة لا خصوص رؤية البيت وهو الآن يرى بلا رقي في قدر يسير، وقيل قدر القامة، وهذا بالنسبة إلى الماشي دون الراكب كذا في المرقاة، وهذا حكم الرجال، وأما النساء فيقفن أسفلها للبعد عن الرجال إلَّا أن يخلوا المسعى من الرجال فيكنَّ كالرجال اهـ من الأبي.
(فوحد الله) سبحانه وتعالى أي أقر بتوحيده (وكبره) أي أقر بكبريائه (وقال) في توحيده وتكبيره (لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له) قال الطيبي: يحتمل أنَّه قول آخر غير التوحيد والتكبير، ويحتمل أن يكون كالتفسير له والبيان والتكبير وإن لم يكن ملفوظًا به