للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا. فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٥٨] "أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ"

ــ

الحجر الأسود فيستلمه ثم يخرج من باب الصفا ليسعى، واتفقوا على أن هذا الاستلام ليس بواجب وإنما هو سنة لو تركه لم يلزمه دم، وفي الدر المختار وعاد إن أراد السعي واستلم الحجر، قال ابن عابدين: أفاد أن العود إلى الحجر إنما يستحب لمن أراد السعي بعده وإلا فلا كما في البحر وغيره (ثم) بعد استلامه الحجر (خرج) من المسجد (من الباب) الَّذي يخرج (إلى الصفا) أي من باب بني مخزوم، وهو الَّذي يسمى باب الصفا وخروجه صلى الله عليه وسلم منه لأنه أقرب الأبواب إلى الصفا لا أنَّه سنة، فيخرج الحاج من أي باب شاء ذكره الطحطاوي في حاشية مراقي الفلاح (فلما دنا) وقرب صلى الله عليه وسلم في حالة خروجه من المسجد (من الصفا) أي قرب إلى الصفا (قرأ) قوله تعالى ({إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ) والصفا جمع صفاة كما قال الشاعر:

لها كفل كصفاة المسيل

أو مفرد جمعه صفي كما قال الآخر:

كأن متنيه من النقي ... مواقع الطير من الصفي

وهو الحجر الأملس، والمروة من الحجارة مالان وصغر كما قال امرؤ القيس:

كأن صليل المرو ... حين تشده صليل زيوف ينتقدن بعبقرا

وقال آخر:

ويوالي الأرض خفًا ذابلًا ... فإذا ما صادف المرو رضخ

وهما هنا اسمان لصفحين معلومين، وقيل سميا بذلك لجلوس الصفي وامرأته عليهما اهـ من المفهم ({مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}) أي من أعلام دينه، جمع شعيرة وهي العلامة التي جعلت للطاعات المأمور بها في الحج عندها كالوقوف والمبيت والرمي والطواف والسعي، سميت شعيرة لما تستشعر به تلك المواضع من أعمال الحج أي تعلم أرلما يستشعر هناك من تعظيم الله تعالى والقيام بوظائفه، والسعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج والعمرة عند جمهور العلماء ما خلا أبا حنيفة فإنه لم يره فيهما واجبًا (أبدأ) بصيغة المتكلم؛ أي وقال أبدأ (بما بدأ الله به) في كتابه يعني أبتدئ بالصفا لأن الله تعالى بدأ بذكره في كتابه فالترتيب الذكري له اعتبار في الأمور الشرعية إما وجوبًا أو

<<  <  ج: ص:  >  >>