توجه إلى مقام إبراهيم، وفي بعض النسخ (تقدم إلى مقام إبراهيم) أي إلى الحجر الَّذي قام عليه إبراهيم عند بناء البيت (فـ) ـلما وصل إليه (قرأ) النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى ({وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} فجعل) النبي صلى الله عليه وسلم (المقام) أي الحجر (بينه وبين البيت) مستقبلًا إليه، قال جعفر بن محمد (فكان أبي) محمد الباقر (يقول) عندما روى لي هذا الحديث (ولا أعلمه) أي ولا أعلم جابرًا (كره) أي ذكر ما ذكر من القراءة (إلَّا) عن جابر (عن النبي صلى الله عليه وسلم) معنى هذا الكلام أن جعفر بن محمد روى هذا الحديث عن أبيه عن جابر، ثم قال: كان أبي يعني محمدًا يقول إنه قرأ هاتين السورتين، قال جعفر: ولا أعلم أبي ذكر تلك القراءة عن قراءة جابر في صلاة جابر بل عن جابر عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة هاتين الركعتين كذا في الشرح، وليس هذا هو شكًّا في ذلك لأن العلم ينافي الشك بل جزم برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وذكر البيهقي حديثًا على شرط مسلم عن جعفر عن أبيه عن جابر أنَّه صلى الله عليه وسلم قرأ فيها بقل يا أيها الكافرون وكان من الظاهر أن يقدم في رواية مسلم سورة الكافرون على سورة الإخلاص كما هو في ترتيب المصحف لأن البراءة من الشرك مقدمة على إثبات التوحيد لكن قدم الإثبات على النفي للاهتمام بشان الإثبات حينئذ لاضمحلال الكفر واندراس آثاره يوم الفتح اهـ سنوسي.
(كان) النبي صلى الله عليه وسلم (يقرأ في الركعتين {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} و {قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}) قال القاري: الواو لمطلق الجمع، وقال النووي: معناه قرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة قل يا أيها الكافرون، وفي الثَّانية بعد الفاتحة قل هو الله أحد (ثم) بعد صلاة الركعتين (رجع) النبي صلى الله عليه وسلم (إلى الركن) الَّذي في الحجر الأسود (فاستلمه) ثانيًا، قال النواوي: فيه دلالة كما قاله الشافعي وغيره من العلماء على أنَّه يستحب للطائف طواف القدوم إذا فرغ من الطواف وصلاته خلف المقام أن يعود إلى