ذلك) والمعنى أو تفعلون غير ذلك الذي قلته من الشكر وذلك الغير بأن تكونوا تتنافسون أي تتسابقون إلى أخذ الدنيا (ثم تتحاسدون) بعد الأخذ (ثم تتدابرون) أي تتقاطعون فيولي كل واحد منكم دبره إلى الآخر معرضًا عنه (ثم تتباغضون) أي يبغض بعضكم بعضًا أي ثم تثبت البغضاء في قلوبكم وتتراكم فيها حتى يكون عنها الخلاف والقتال والهلاك كما وُجد، ويحتمل كون قوله صلى الله عليه وسلم (تتنافسون) .. الخ جوابًا لسؤال مقدر وقع من عبد الرحمن بن عوف تقديره: كيف نفعل غير ذلك؟ فقال له: تتنافسون في الدنيا .. الخ، قال النووي: قال العلماء: التنافس إلى الشيء المسابقة إليه وكراهة أخذ غيرك إياه وهو أول درجات الحسد، وأما الحسد فهو تمني زوال النعمة عن صاحبها، والتدابر التقاطع وقد يبقى مع التدابر شيء من المودة أو لا يكون مودة ولا بغض، وأما التباغض فهو بعد هذا ولهذا رتبت الحديث هكذا (أو) تفعلون (نحو ذلك) بأن تتقاتلوا أو تتضاربوا أو تنتهبوا أو تغصبوا إلى غير ذلك من الإذاية (ثم تنطلقون) وتتصرفون (في) شؤون (مساكين المهاجرين) وضعفائهم (فتجعلون بعضهم) أي تجعلون بعض مساكينهم أمراء (على رقاب بعض) آخر منهم والين عليهم، وحاصل المعنى أن الذين يعدّون اليوم من فقراء المهاجرين ومساكينهم سوف يكون بعضهم أميرًا على بعض فيقع التنافس في المال والجاه جميعًا والتعبير بالرقاب من التعبير بالبعض عن الكل، والمراد تجعلون بعضهم أمراء على بعض يعني أن مساكين المهاجرين تُفتح عليهم الدنيا إذ ذاك حتى يكون بعضهم أميرًا على بعض اهـ أبي بتصرف.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث ابن ماجه في الفتن باب فتنة المال [٤٠٤٤]، وابن حبان في صحيحه كما في ترتيبه لابن بليان [٨/ ٢٤٣].
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الخامس من الترجمة وهو النهي عن النظر إلى من فوقه في الدنيا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
٧٢٥٢ - (٢٩٤٢)(١٠٩) (حدثنا يحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد قال قتيبة حدثنا