للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ. فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ. فَلَمَّا قَضَيْتُ مِنْ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ. فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ

ــ

وفي رواية ابن إسحاق (فنزل منزلًا فبات فيه بعض الليل ثم آذن بالرحيل) أي أعلن بالسفر والذهاب من ذلك الموضع.

(فقمت) من منزلي (حين آذنوا) وأعلنوا (بالرحيل) أي بالارتحال والذهاب من ذلك المنزل (فمشيت) لقضاء حاجتي (حتى جاوزت الجيش) وبعُدت عنهم (فلما قضيت) وفرغت (من شأني) وحاجتي التي ذهبت لأجلها ولم تذكرها لاستقباح ذكرها (أقبلت) وجئت (إلى الرحل) أي إلى منزلي الذي كنت فيه أولًا (فلمست صدري) بيدي (فإذا عقدي من جزع ظفار قد انقطع) مني وسقط وضاع أي ففاجأني انقطاعه مني وسقوطه فإذا فجائية والفاء عاطفة على لمست، والعقد بكسر العين وسكون القاف قلادة تُعلّق في العنق للزينة، والجزع بفتح الجيم وسكون الزاي خرز معروف في سواده بياض كان يُجلب من اليمن والصين وغيرهما ويقال ليس في الحجارة أصلب من الجزع فكانوا لا يتيمنون به فيزعمون أن من تقلد به كثرت همومه ورأى أحلامًا رديئة حتى قيل إن وجه تسميته بالجزع أنه يورث الجزع، وأما ظفار فهي بفتح الظاء والفاء على وزن حذام وراؤها مبنية على الكسر لشبهه بالحرف شبهًا معنويًا لتضمنه معنى حرف التأنيث وهو التاء وإنما حُرك فرارًا من التقاء الساكنين وكانت كسرة لأنها الأصل في حركة التخلص، وفي القسطلاني: فالظفار بالظاء المعجمة والفاء بعد الألف راء مكسورة مبنية على الكسر كخضار وحذام مدينة باليمن تقول هذه ظفار ودخلت ظفار وذهبت إلى ظفار بكسر الراء بغير تنوين في الأحوال كلها، وفي رواية أبي ذر من جزع أظفار بالهمزة المفتوحة وتنوين الراء وهي جمع ظفر وهو أحد أنواع القسط وهو طيب الرائحة يتبخر به فإن ثبتت هذه الرواية فلعل الظفر عمل مثل الخرز فأطلقت عليه جزعًا تشبيهًا به ونظمته قلادة إما لحسن لونه أو لطيب رائحته، وقد حكى ابن التين أن قيمته كانت اثني عشر درهمًا وهذا يؤيد أنه ليس جزعًا ظفاريًا إذ لو كان ذلك لكانت قيمته أكثر من ذلك كذا في فتح الباري [٨/ ٤٥٩].

ووقع في رواية الواقدي (فكان في عنقي عقد من جزع ظفار كانت أمي أدخلتني به على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال القرطبي: والصواب جزع ظفار بلا همزة كما

<<  <  ج: ص:  >  >>