تعديتها إلى غيرها وهو قول مالك أيضًا والمغيرة وبعض أصحابنا، وحكى ابن المنذر عن أبي حنيفة ترك القول بها وأنكرها بعض الكوفيين وقال هي كالأزلام (وبإجازتها) في المشكلات (قال الشافعي)، قال القاضي: وهو مشهور مذهب مالك.
وأما القرعة بين النساء إذا أراد سفرًا فقد اختلف العلماء فذهب مالك في أحد قوليه والشافعي وأبو حنيفة إلى أنه لا يخرج منهن إلَّا من خرجت عليها القرعة تمسكًا بظاهر هذا الحديث فإنه كالنص في ذلك، وقال مالك أيضًا: إن له أن يسافر بمن شاء منهن بغير قرعة وإن القسمة هنا سقطت للضرورة إذ كانت إحداهن أخف محملًا وأقل مؤونة وأصلح للسفر والأخرى أصلح للمقام في بيته لسد ضيعته وللقيام بولده وقد تكون أثقل جسمًا وأكثر مؤونة.
"قلت": والذي يقع لي أن هذا ليس بخلاف في أصل القرعة في هذا وإنما هذا لاختلاف أحوال النساء فإذا كان فيهن من تصلح للسفر ومن لا تصلح تعين من تصلح ولا يمكن أن يقال يجب أن يسافر بمن لا تصلح لأن ذلك ضرر ومشقة عليه ولا ضرر وضرار وإنما تدخل القرعة إذا كن كلهن صالحات للسفر فحينئذٍ تتعيّن القرعة لأنه لو أخرج واحدة منهن بلا قرعة لخيف أن يكون ذلك ميلًا إليها ولكان للأخرى مطالبته بحقها فإذا خرج بمن وقعت عليها القرعة انقطعت حجة الأخرى وارتفعت التهمة عنه وطاب قلب من بقي منهن والله تعالى أعلم اه من المفهم.
(قالت عائشة) رضي الله تعالى عنها بالسند السابق (فأقرع بيننا) رسول الله صلى الله عليه وسلم (في غزوة غزاها) أي خرج فيها وهي غزوة بني المصطلق بكسر اللام وهم بطن من بني خزاعة كما ذكره البخاري في المغازي معلقًا عن الزهري وصرّح به محمد بن إسحاق في روايته وكذا أفلح بن عبد الله عند الطبراني، وكانت سنة ست فيما جزم به ابن التين وقيل في شعبان سنة خمس، ورُوي عن موسى بن عقبة سنة أربع، والصحيح الذي عليه المحققون أنها وقعت ممنة خمس وكان سببها أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار وأرسل عينًا يأتيه بخبر المسلمين فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم حتى لقيهم على ماء من مياههم يقال له المريسيع قريبًا من الساحل ولذلك تسمى هذه الغزوة غزوة المريسيع أيضًا فزاحف الناس