حتى يكونوا مثلنا) أي حتى يدخلوا في ديننا فيصيروا مثلنا فيه (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي (انفذ) من باب نصر أي امض وامش إلى العدو وتقدم إليه (على رسلك) وهينتك مترفقًا متثبتًا ولا تتعجل عليهم (حتى تنزل بساحتهم) وناحيتهم قريبًا منهم (ثم) بعد نزولك في ساحتهم (ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله) وفرضه وواجبه (فيه) أي في الإسلام من الصلاة والزكاة وغيرهما من أركان الإسلام ولا تتعجل عليهم بسفك دماءهم وأخذ أموالهم (فوالله لأن يهدي الله) ويرشد (بك رجلًا واحدًا خير لك) أجرًا (من أن يكون لك حمر النعم) التي تتصدق بها لو كانت لك أي من الإبل الحمر وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف، وكانت الإبل الحمر من أنفس أموال العرب يضربون بها المثل في نفاسة الشيء وإنه ليس هناك شيء أنفس منه، وفي قوله:(فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا) إلخ فيه حض عظيم على تعليم العلم وبثه في الناس وعلى الوعظ والتذكير بالدار الآخرة والخير، وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر:"إن الله وملائكته يصلون على معلمي الناس الخير" قال الهيثمي في مجمع الزوائد [١/ ١٢٤] رواه الطبراني في الكبير، وفيه القاسم أبو عبد الرحمن وثقه البخاري وضعفه أحمد، وقال في المرقاة: والظاهر أن قوله: فوالله إلخ تأكيد لما أرشده من دعائهم إلى الإسلام أولًا فإنه ربما يكون سببًا لإيمانهم من غير حاجة إلى قتالهم المتفرع عليه حصول الغنائم من حمر النعم وغيرها فإن إيجاد مؤمن واحد خير من إعدام ألف كافر على ما صرح به ابن الهمام اهـ منه. والهداية الدلالة والإرشاد، والنعم هي الإبل وحمرها هي خيارها حسنًا وقوة ونفاسة لأنها أفضل عند العرب ويعني به والله أعلم أن ثواب تعليم رجل واحد وإرشاده للخير أعظم من ثواب هذه الإبل النفيسة لو كانت لك فتصدقت بها لأن ثواب تلك الصدقة ينقطع بموتها وثواب العلم والهدى لا ينقطع إلى يوم القيامة كما قال صلى الله عليه وسلم:"إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة -فذكر منها- علم ينتفع به" رواه أحمد [٢١/ ٣٧٢] ومسلم [١٦٣١] والترمذي [١٣٧٦] والنسائي [٦/ ٢٥١].