ناس، فالهمزة على هذين الوجهين زائدة، ويشهد لكونه من (نسي) قول الشاعر:
لا تنسين تلك العهود فإنما ... سميت إنسانًا لأنك ناس
وقول الآخر:
فإن نسيت عهودًا منك سالفة ... فاغفر فأول ناس أول الناس
يشير إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث:"فنسي آدم فنسيت ذريته". وقيل: مشتق أنس بمعنى استأنس، لأنسه بربه وأنس آدم بحواء وبنيه بعضهم ببعض، وعليه قول الشاعر:
وما سمي الإنسان إلا لأنسه ... ولا القلب إلا أنه يتقلب
وأنس بمعنى أبصر، قال تعالى:{إِنِّي آنَسْتُ نَارًا} أي أبصرت، وقال جرير ابن الخطفي:
هل تؤنسان ودير أروى بيننا ... بالأعزلين بواكر الأظعان
وقوله:(من عكل) بضم العين وسكون الكاف إحدى قبائل الرباب، وهم أبناء أد بن طابخة تحالفوا وغمسوا أيديهم في جفنة من الرُّب توكيدًا للحلف فقيل: لهم الرباب، وهم عكل وثور وعجل وضبة وعدي وتميم، وعكل اسم أمة حضنت أبناء عوف بن إياس بن قيس بن عوف بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر، وأمهم بنت ذي اللحية رجل من حمير وهم -أي أبناء عوف المنوه عنهم، جشم وسعد وعلي وقيس أبناء عوف- غلب عليهم اللقب بحاضنتهم.
وقوله:(أو رجالًا) بدل أناس، وهو شك من أحد الرواة في لفظ أنس، وهذه الرواية بالجزم بأنهم من عكل، وفي رواية في صحيح البخاري:"من عكل أو عرينة" على الشك من حماد: وقيل من أنس، وفي رواية: من عرينة: وفي أخرى: من عكل وعرينة، بالعطف وهي الصواب إن شاء الله؛ لأنها تجمع بين الروايات الأخر بكونهم من القبيلتين، فصحت نسبتهم لكل واحدة تغليبًا، وفي رواية: أنهم أربعة من عرينة وثلاثة من عكل. وعرينة قبيلة من بجيلة وهي من قضاعة، ورجح بعض العلماء أن المراد هنا البجليون، وذكر ابن إسحاق أن قدومهم كان بعد غزوة ذي قرد، وكانت في آخر سنة ست لأنها بعد الحديبية مباشرة، كما هو ثابت في صحيح مسلم وغيره، والحديبية كانت في ذي القعدة