الشرط. وقوله:(حبط) بكسر الباء: بطل؛ يقال: حبط يحبط من باب علم، وأحبطه غيره، والحبط: انتفاخ بطن الدابة إذا أصابت مرعى طيبًا واسترسلت في الأكل، ومنه حديث مسلم في الزكاة:(إن مما ينبت الربيع مما يقتل حبطًا، أو يلم إلا آكلة الخضر) الحديث، وإذا انتفخ بطن الدابة على هذا الوجه ربما ماتت بسببه، فشبّه فساد العمل وعدم حصول الإنسان على الثواب بذلك. وزاد معمر في روايته: متعمدًا، وكذا عند أحمد من حديث أبي الدرداء، وقد علل ذلك بأن العصر في يوم الغيم قد يحمل الإنسان حب المحافظة عليها على أن يصليها قبل وقتها، وقد يحمله الإحتياط على العكس، فلهذا صرح بريدة بالأمر بالتبكير لكن بشرط دخول الوقت ولو بالتقدير.
• الأحكام والفوائد
احتج به -على ما قال العيني- الحنفية على استحباب تعجيل العصر في يوم الغيم، وتقدم أن الخوارج يحتجون به على مذهبهم في التكفير بالمعاصي، فهو عندهم كقوله تعالى:{وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ}. ورد عليهم ابن عبد البر بأن مفهوم الآية: أن من لم يكفر بالإيمان لم يحبط عمله، فتعارض مفهوم الآية مع منطوق الحديث، وإذا كان كذلك يتعين تأويل الحديث لأن الجمع إذا كان ممكنًا كان أولى من الترجيح. وقد اختلفوا في وجه تأويل الحديث الذي يحصل به الجمع على أقوال، أقربها عندي للصواب اثنان هما: أن المراد بالترك: الترك المصحوب بالجحد أو الإستهزاء الذي ينزل منزلته، وهذا لا إشكال فيه إلا أنه قد يقال: إن سبب الحديث لا يساعد عليه، وقد يجاب عن ذلك بأنه ذكره الصحابي للحديث على وجه المبالغة في مخالفة الجاحد أو المستهزئ. الثاني: ما اختاره ابن بزيزة أنه خرج مخرج الزجر والتغليظ وظاهره غير مراد، كقوله:(لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) الحديث. ومنها: أن هذا من مجاز التشبيه أي هو شبيه بمن حبط عمله، ومنها: أن المراد بإحباط العمل عمل خاص: وهو ما شغله عن الصلاة، وقيل غير ذلك مما فيه تكلف. والحديث في الجملة وعيد شديد على التفريط في صلاة العصر؛ لأنها كما تقدم قيل: إنها الوسطى، وهي مع التي تجتمع فيها الملائكة: ملائكة الليل وملائكة النهار، والغالب تأتي الإنسان في ختام عمل النهار، فهو يحب الإستمرار فيه والله أعلم.