ثم ذكر بعده أنّ إبراهيم قدم الشام وجاهد ملك النبط وجاء فصلّى فى المقام، قلت:
لا خلاف بين علماء السير أنّ إبراهيم عليه السلام ولد بالعراق ما اختلف فى ذلك اثنان، ثم روى بعد هذا أنّ جبل برزة هو الذى رأى منه إبراهيم الكواكب، وقال هذا ربّى، وهذا أيضا تناقض، ثم قال: الشقّ الذى فى المسجد هو الذى اختبأ فيه إبراهيم عليه السلام من نمرود، ثم روى بعد هذا حديثا عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: وبالغوطة جبل يقال له قاسيون فيه قتل ابن آدم أخاه.
قال ابن الجوزى رحمه الله: هذا الحديث لا يصحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا قتل قابيل أخاه بالشام بل فى الهند، قلت: الصحيح ما ذكره الشيخ جمال الدين بن الجوزى متّفق عليه. وذكر أنّ الدم الذى على قاسيون م هابيل وأنّ الملائكة نزلت عزت آدم فى الكهف بقاسيون. وحكاه عن كعب الأحبار وغيره، قال ابن الجوزى: ما ورد عن كعب الأحبار فى هذا الباب فقد توقّف الناس فيه: وكان عمر بن الخطّاب رضى الله عنه يضربه بالدرّة ويقول: دعنا من يهوديّتك. ومع هذا فقد أجاز روايته بعضهم إذا لم يروى عن النبىّ صلى الله عليه وسلم لأنّه أسلم على يد عمر بن الخطّاب رضى الله عنه، فالرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا الباب فيها وهن عظيم إذا لم يوافق السنن والأصول.
فروى أبو القسم فى فضل دمشق والغوطة قال:(١) حدّثنا عن عائشة قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله جمجمة جبرائيل على قدر الغوطة، قال ابن الجوزى أيضا: وهذا ممّا لا نوافقه عليه قضاء بالعقول لأنّه قد ثبت فى الصحيحين أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم (١٠٥) قال: خلق الله الملائكة من نور، والنور روحانى فكيف يكون جسما، وفى رواية: من نور العرش، ولمّا سأله النبىّ صلى الله عليه وسلم أن يظهر له فى