للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونحو ذلك ما روى أنّ أكثم بن صيفى حكيم العرب تتّبع أبا طالب، فقال أكثم لأبى طالب: (١٩) يا بن عبد المطّلب، ما أسرع ما شبّ أخوك، يعنى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال له أبو طالب: إنّه ليس بأخى، ولكنّه ابن أخى عبد الله، قال: ابن الذبيح؟! قال: نعم، قال أكثم: إنّى كنت رأيته فى حجر عبد المطّلب يوم أرسل السحاب إلى بلاد مضر (١)، فظننته ابنه، ثم جعل أكثم يتأمّل النبىّ صلّى الله عليه وسلم ويتفرّس فيه، ثم قال: يا بن عبد المطّلب، ما تظنوّن بهذا الفتى؟ فقال أبو طالب: إنّا لنحسن به الظنّ، وإنّه لحيىّ، جرىّ، سخىّ، وفىّ، فقال أكثم: هل غير ما تقول يا بن عبد المطّلب؟ قال: نعم، إنّه لذو شدّة ولين، ومجلس مكين، ومفصل مبين، فقال أكثم: هل غير ما تقول يا بن عبد المطّلب؟ فقال: نعم، إنّه لنتيمّن بمشهده، ونتعرّف البركة فيما لمس بيده، فقال أكثم:

هل غير ما تقول يا بن عبد المطّلب؟ فقال أبو طالب: إنّه لغلام يعدّ، وآخرته أن يسود، ويتخرّق بالجود، ويعلو جدّه الجدود، فقال أكثم: لكنّى أقول غير هذا! قال أبو طالب: قل فإنّك نقّاب غيب، قال: أخلق با بن أخيك أن يضرب العرب قامطة، بيد خابطة، ورجل لابطة، ثم ينعق بهم إلى مرتع مريع، وورد تشريع، فمن اخرورط إليه هداه، ومن احرورف عنه أرداه. فقال أبو طالب:

إنّ عندنا لدورا من ذلك.

وقيل إنّ أكثم بن صيفى هذا عاش مائة وتسمين سنة، وقال فى ذلك:

وإن امرأ قد عاش تسعين حجّة ... إلى مائة لم يسأم العيش جاهل