للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنّى دعوة (١) أبى إبراهيم، وبشرى (٢) أخى عيسى، وأنّى كنت بكر أبى وأمّى، وأنّها حملتنى كأثقل ما تحمل النساء، وجعلت تشتكى إلى صواحبها ثقل ما تجد، ثم إنّ أمّى رأت فى المنام أنّ الذى فى بطنها خرج نورا، قالت:

فجعلت أتبع بصرى النور، والنور يسبق بصرى حتى أضات لى مشارق الأرض ومغاربها، ثم إنّها ولدتنى فنشأت وقد بغّضت لى الأوثان وبغّض إلىّ الشعر، وكنت مسترضعا فى بنى سعد بن بكر، فبينا أنا ذات يوم منتبذ (٣) (١٦) عن أهلى فى بطن واد مع أتراب لى من الصبيان إذ أنا برهط ثلاثة بادية، معهم طست من ذهب ملآن ثلجا، فأخذونى من بين أصحابى، فخرج أصحابى هرّابا حتى انتهوا إلى شفير الوادى، ثم أقبلوا على الرهط، فقالوا: ما أربكم إلى هذا الغلام فإنّه ليس منّا، هذا ابن سيّد قريش، وهو مسترضع فينا، غلام يتيم ليس له أب، فماذا يردّ عليكم قتله، وماذا تصيبون من ذلك؟ فإن كنتم لا بدّ قاتليه فاختاروا منّا أيّنا شئتم فليأتكم مكانه فاقتلوه ودعوا هذا الغلام، فإنّه يتيم.

فلمّا رأى الغلمان أن القوم لا يحيرون جوابا انطلقوا هرّابا مسرعين إلى الحىّ يؤذنونهم ويستصرخون بهم.

فعمد أحدهم فأضجعنى إلى الأرض إضجاعا لطيفا ثم شقّ بطنى ما بين مفرق