انظر "الباعث الحثيث. . .". ثم قال الإمام: "ولذلك قال ابن أبى حاتم [٣/ ١/ ١٢٥]، عن أبيه: "محله الصدق، ولولا تدليسه؛ لحكمنا له - إذا جاء بزيادة - غير أنا نخاف أن يكون أخذه عن غير ثقة". قلتُ: وهذا هو الذي أخشاه: أن يكون تلقاه عن راوٍ ضعيف ثم أسقطه، فقد تقدم في جرح ابن حبان لعبد الرحمن بن أبى بكر شيخ عمر بن على المقدمى هذا: أن مدار حديثه على ابنه، واسم الابن هذا: محمد بن عبد الرحمن، وهو متروك، كما قال الحافظ في "التقريب"، فلربما كان هذا هو الواسطة بين أبيه وبين المقدمى فدلسه، واللَّه أعلم". وختم الإمام كلامه قائلًا: "وبالجملة: فهذه علة ثانية لهذا السند خفيت على بعض إخواننا الناشئين في هذا العلم، وكان هذا من دواعى تخريج هذا الحديث من هذه الطريق". قلتُ: والتحقيق عندى أنه لا ينبغى الإعلال بهذا النوع من التدليس مطلقًا، اللَّهم إلا إذا كان صاحبه قد وصفَ بكونه كان مكثرًا منه في حديثه، وإذا نظرنا في كلامهم بشأن تدليس عمر المقدمى، لم نجدَ أحدًا من النقاد قد وصفه بالإكثار، بل قال البخارى إمام العلل: "لا أعرف أن عمر بن عليٍّ يدلس"، كما نقله عنه الترمذى في "العلل"، وهذا يدلك على أن الرجل كان قليل التدليس من هذا النوع، فالتعلق به رأسًا في نقد الأسانيد ليس بجيد. وقد قال عنه الذهبى في "التذكرة": "قد احتج به الجماعة واحتملوا له تدليسه"، وقال في "سير النبلاء": "قد احتمل أهل الصحاح تدليسه ورضوا به"، وليس رضاهم به إلا لقلة تدليسه، مع وقوفهم على كونه لم يدلس في تلك الأخبار التى أخرجوها له في كتبهم. نعم: إنما يحسن الإعلال باحتمال تدليس المقدمى عند المخالفة أو وجود النكارة في روايته عن الثقات، أما دون ذلك فحديثه محمول على السلامة إن شاء الله. وعود على بدء فنقول: ولم ينفرد عبد الرحمن المليكى به على الوجه الأول؛ بل تابعه رجلان: الأول: محمد بن أبى حميد، فرواه عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبى وقاص عن أبيه عن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله له، ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة الله، ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما قضى الله". أخرجه الترمذى [٢١٥]، - واللفظ له - ومن طريقه ابن الدبيثى في "ذيل تاريخ مدينة السلام" =