قلتُ: وهذه محاولة فاشلة لتعصيب الجناية برقبة هذا المسمعى، ولم يصب ابن الجوزى رميته؛ لكون المسمعى لم ينفرد به عن يحيى بن محمد أبى زكير، بل تابعه عليه جماعة كثيرة؛ فالمسمعى برئ من عهدة هذا الحديث كما قال السيوطى في "اللآلئ" [٢/ ٢٠٦]، يتعقب ابن الجوزى، وقد أصاب في ذلك؛ قالحديث حديث أبى زكير؛ هو المنفرد به، وأنكره عليه النقاد، والإسناد ثابت إليه به. قال الخطيب عقب روايته: "تفرد برواية هذا الحديث عن هشام: أبو زكير يحيى بن محمد بن قيس"، وقال ابن عدى عقب روايته: "هذا يعرف بيحيى بن محمد بن قيس المعروف بأبى زكير، ولا أعلم رواه عن هشام بن عروة غيره" ومضى قول العقيلى فيه سابقًا، وقال البيهقى في "الآداب": "تفرد به أبو زكير" ومضى قول الدارقطنى أيضًا عن تفرده به؛ وقال العلامة ابن مفلح في "الآداب الشرعية" [٢/ ٤٩٣]، بعد أن ساق الحديث: "ومدار حديث عائشة هذا على أبى زكير يحيى بن محمد بن قيس متكلم فيه؛ وقد أنكر الأئمة عليه هذا الحديث وغيره، وذكره ابن الجوزى، في "الموضوعات". قلتُ: وفى ترجمته ساق ابن حبان هذا الحديث من "المجروحين" وقال: "هذا كلام لا أصل له من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - " وكذا أنكره عليه ابن عدى في "الكامل" وساقه له مع غيره. ثم قال في ختام ترجمته: "وعامة أحاديثه مستقيمة إلا هذه الأحاديث التى بينتها". وبه أعله ابن طاهر في "معرفة التذكرة" [١/ ٤٩]، وقال: "أنكر عليه روايته" ومثله ابن الصلاح في "معرفة أنواع علوم الحديث" [ص ٤٦]، وقال عنه: "لم يبلغ مبلغ من يحتمل تفرده" وكذا أعله به البوصيرى في "مصباح الزجاجة" [٢/ ١٧٠]، وجماعة كثيرة من المتأخرين؛ حتى قال المناوى في "التيسير بشرح الجامع الصغير" [٢/ ٤٣٣/ طبعة مكتبة الشافعي]،: (حديث منكر اتفاقًا). =