قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الاستقامة، بل قال ابن خزيمة في "صحيحه" [١/ ٢١٢]: "خبر هشام بن عروة: صحيح من جهة النقل" وخالفه البيهقى، فقال عقب روايته: "وحديث عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن عائشة أصح". قلتُ: يشير إلى ما أخرجه البخارى [٥٩٧]، و [١٨١٩]، ومسلم [١٠٩٢]، والنسائى [٦٣٩]، وأحمد [٦/ ٤٤، ٥٤]، وجماعة كثيرة من طرق عن عبيد الله بن عمرو العمرى عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعًا: (إن بلالًا يؤذن بليل؛ فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) لفظ البخارى في الموضع الأول. ومراد البيهقى بتقديمه هذا الحديث على خبر هشام بن عروة: أن فيه الإمساك عن الطعام والشراب حتى أذان ابن أم مكتوم. ووقع في خبر هشام بن عروة العكس، وحديث عبيد الله عن القاسم أصح إسنادًا ومتنًا: ١ - أما الإسناد: فلأن خبر هشام بن عروة يرويه عنه عبد العزيز الدراوردى، وقد تكلموا في حفظه، فجائز جدًّا أن يكون وهم في متنه، وقلبه ظهرًا لبطن. فإن قيل: قد توبع عليه الدراوردى؛ تابعه عليه حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تغتروا بأذان ابن أم مكتوم، ولكن أذان بلال ... ) أخرجه الحارث في "مسنده" [رقم ١٢٣/ زوائد الهيثمى]، من طريق داود بن المحبر عن حماد به .... قلنا: هذه متابعة فاسدة لا تصح؛ وابن المحبر ساقط الحديث عندهم، ولو صحت لكانت مخالفة وليست متابعة؛ لأن رواية الدراوردى موصولة؛ وهذه مرسلة كما ترى، =