أما قول ابن عساكر عقب روايته: (هذا حديث حسن غريب) فيرد عليه ما مضى إن كان يريد بذلك تقويته، والحديث منكر الإسناد جدًّا فهو مع كونه معلولًا بالوقف على عروة قوله، فإن هشام بن عبد الله بن عكرمة غير معروف ولا مشهور الرواية عن هشام بن عروة، وهشام بن عروة مكثر حديثًا وأصحابًا، فمن يعمد إلى مثله، ويروى عنه ما لا يتابعه عليه بعض الحفظة من أصحاب هشام، يُتَوقَّف في قبول حديثه إذا كان هذا المتفرد لا يحتمل منه ذلك، أما إذا كان ضعيفًا أو مغموزًا أو غير معروف، فيؤخذ ما يرويه إلى مُسْتَقرِّه في مكان سحيق، بل ويكون ذلك قرينة على وهاء هذا المتفرد عن كبار الثقات؛ بما لا يتابعه عليه الأثبات. فإن قيل: قد توبع عليه هشام بن عبد الله عن هشام عن أبيه عن عائشة به مثله، تابعه حماد بن أسامة أبو أسامة، عند أبى نعيم في "أخبار أصبهان" [٢/ ٢٤٣]، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن يوسف، حدّثنا محمد بن أحمد بن راشد، حدّثنا أبو السائب سلم بن جنادة حدّثنا أبو أسامة به ... قلنا: هذه متابعة لا تثبت؛ فقال الإمام في "الضعيفة" [٥/ ٥١٠]: (أبو أسامة - واسمه حماد بن أسامة - وابن جنادة: ثقتان؛ لكنى لم أر مَنْ وثِّق ابن راشد هذا! وقد أورده الخطيب [١/ ٣٠٢]، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وروى عنه أبو الحسين بن المنادى". قلتُ: هو الحافظ المأمون المحدث ابن المحدث الثقفى الأصبهانى المعروف بـ (ابن معدان) وهو مترجم في "تذكرة الحفاظ" [٣/ ٨١٤]، و"سير النبلاء" [١٤/ ٤٠٤]، وإنما الشأن في الراوى عنه: (أبو بكر محمد بن جعفر بن يوسف)، وهو أحد شيوخ أبى نعيم الأصبهانيين الذين لم أظفر لهم بترجمة بعد التتبع، ولا يكون هذا الطريق إلا خطأ محضًا؛ لما مضى عند الطبراني والدارقطنى مِنْ جَزْمهما بتفرد هشام بن عبد الله بهذا الحديث عن هشام بن عروة. وقد كنت وقفت على هذا الحديث من رواية قتادة وهشام بن عروة به مرسلًا، ثم غاب عنى موضعه الآن، فاللَّه المستعان.