وقد خولف جعفر في وصل هذا الحديث، فقال الترمذى عقب روايته: (وقد روى بعضهم هذا الحديث عن ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا). قلتُ: فاستغراب الترمذى للرواية الموصولة من طريق جعفر، مع قوله هذا ... إشارة منه إلا أن جعفرًا، قد وهم على ثابت في وصْله، وقد سالتى الترمذى هذا الحديث في كتابه "العلل" ثم قال: "سألتُ محمدًا - يعنى البخارى - عن هذا الحديث فقال: إنما يُروى هذا الحديث عن ثابت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على شاب ... ". قلتُ: ومراد البخارى أن الحديث محفوظ عن ثابت مرسلًا، ويؤيد هذا الوجه المرسل: أن حماد بن سلمة قد رواه عن ثابت عن عبيد بن عمير به مرسلًا، كما عند ابن أبى الدنيا في "المرض والكفارات" [رقم ١٠٨]، ومن طريقه البيهقى في "الشعب" [٧/ رقم ٩٩١٩]، لكن الطريق إلى حماد لم يثبت، ويكفى قول البخارى الماضى مما يفهم منه أن الحديث معروف عن ثابت به مرسلًا، ومن العجائب قول الإمام في "الصحيحة" [٣/ ٤١]، بعد أن تكلم على هذا الحديث وحسَّن إسناده، قال: "وله شاهد عن عبيد بن عمير مرسلًا، لكن فيه أبو ربيعة زيد بن عوف متروك ... ". وهذا من باب تقوية المنكر بالوجه المحفوظ، ولو صحَّ هذا الشاهد - في نظر الإمام - لما كانت رواية جعفر الموصولة عن ثابت إلا حديث خرافة لو تدبَّر الإمام؛ لأن راوى هذا الشاهد المرسل عن عبيد بن عمير هو ثابت البنانى، وعنه رواه حماد بن سلمة البصرى؛ والإمام يدرى أن حمادًا هو أثبت أهل الدنيا في ثابت البنانى، لا يلحقه في ذلك جعفر، ولا مائة جعفر،=