مكانه ذاك نحو قولك: قُلْتُ إنّ زيداً منطلق، وقُلْتُ إنك ظريف، لأنَّ القوْلَ لا يَقَعُ ما بعده إلا على الابتداء ١/ ٣٤٧ منقطعاً من الأول. ألا ترى أنَّ العربَ تقول: قُلْتُ: عبد الله منطلقٌ، وأقول أخوك ذاهب. وقال الله جل ذكره:{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ} إلا يُجْرونَها مُجْرى الظن. قال الشاعر:
أمَّا الرحيلُ يكون بعْدَ غدٍ ... فمتى تقول الدار تجْمَعُنَا
تقول في هذا: متى تقول إنَّ زيداً منطلقٌ، كما تقولُ: متى تظنُّ أنَّ زيداً منطلقٌ لأنك تقول: متى تظنُّ ذاك. وتقول: أما أنه منطلق لأنه لا يحسن ههنا أما ذاك. وقد قالت العرب: أما أنه منطلق تجعلُ أما في معنى حقاً، لأنَّ أما في المعنى حقاً كأنه ذكر حقاً فجعلها طرفاً وأن تقول حق أنك ذاهب أجود كأنك قلت يحقُّ ذاك. وقال الشاعر:
أحقاً أن جيرتنا استقلوا ... فنيتنا ونيتهم فريقُ
وقد قال ناسٌ حقاً أنك منطلق على قولك أنه منطلق حقاً فنصب حقاً على المصدر كأنَّه قال: أحق ذاك حقاً، وهذا وهو من كلام العرب، وإنما يفتح لأنَّه ليس يحْسُن أن تبتديء أن في كل موضع. لو قُلْتَ اليوم أن عبد الله منطلق لم يَحْسُن.
ويقولون: إنَّ في موضع أجَل فيكسرون ويثقلون. ويقولون في هذا المعنى إنّه