للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحفاظِ وأهلِ الحديثِ، وقدْ قال أبو عبد الله ابن منده الحافظ: إنما خصَّ اللهُ بمعرفةِ هذهِ الأخبار نفرًا يسيرًا منْ كثيرٍ ممن يدعي علم الحديثِ) (١).

القسم الثاني: الصلةُ الجامعةُ بين مسألةِ الحكم على الأحاديث والمسائلِ الفقهيةِ وأثرِ الموسوعةِ في هذا المجالِ.

إنَّ لعلمِ الحديثِ ارتباطًا وثيقًا بالفقهِ الإسلامي، إذ إنَّا نجدُ جزءًا كبيرًا منَ الفقهِ هوَ في الأصلِ ثمرةٌ للحديثِ النبويِ الشريفِ، فعلى هذا فإنَّ الحديثَ أحدُ المراجع الرئيسيةِ للفقهِ الإسلامي، ومعلومٌ أنهُ قدْ حصلت اختلافاتٌ كثيرةٌ في الحديثِ، من هذهِ الاختلافاتُ منها ما هوَ في السندِ، ومنها ما هوَ في المتنِ، ومنها ما هوَ مشتركٌ في المتنِ والسندِ، ومنها ما يؤثرُ في صحةِ الحديثِ، ومنها ما لا يؤثرُ، ومرجعُ ذلك إلى نظرِ النقادِ وصيارفةِ الحديثِ. وقد كانَ لهذهِ الاختلافات دورٌ كبيرٌ في اختلافِ الفقهاءِ، وتعددِ فروعهم واختلافها كذلكَ، وتباينِ وجهاتِ نظرهم وآرائهم الفقهيةِ.

من هنا جاءَ الربطُ بينَ علم الحديثِ، وعلم الفقهِ.

ومنَ البديهيِّ أنْ يخلتفَ الرواةُ سندًا ومتنًا فيما يؤدونهُ منَ الأحاديثِ النبوية الشريفةِ، وذاك لأنَّ مواهبَ الرواةِ في حفظِ الأحاديثِ تخللتُ اختلافًا جذريًا بينَ راوٍ آخرَ، فمنِ الرواةِ منْ بلغَ أعلى مراتبِ الحفظِ والضبطِ والإتقانِ، ومنهمْ أدنى وأدنى.

قالَ الإمامُ الترمذي: (لمْ يسلمْ من الخطأ والغلطِ كبيرُ أحد منَ الأئمةِ معَ حفظهمْ).

هذا معَ اختلافِ الرواةِ في عنايتهم في ضبطِ ما يتحملونهُ منَ الأحاديثِ، فمنهمْ منْ يتعاهدُ حفظهُ، ومنهمْ منْ لا يتعاهدُ، ومنهمْ لا يحدِّثُ إلا بصفاءِ


(١) شرح العلل للترمذي ١/ ٣٣٩ - ٣٤٠.