للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدنيا .. أن يقول أن الشريعة لم تنزل بشيء من ذلك وأن هذه الدنيا عند الله أهون من أن ينزل لها أحكاماً لتطبق فيها .. لأن هذا الاعتقاد مخالف لأبسط البديهيات ..

وليس السبب في هذا الانحراف هو السعي إلى التقدم كما يزعم له أصحابه، وإنما السبب هو عبادة غير الله سبحانه .. وقد عُبد العقل الإِنساني من دون الله، عبدته أوروبا وانتقلت لنا هذه العدوى (١) .. وليس لهذه العبادة من فائدة عند هؤلاء إلا إبعاد الحياة الدنيا عن الدين وإخضاعها لأحكام العقل يشرع لها ويبدئ ويعيد بلا ند ولا شريك ولا ظهير.

وهذه العبادة وإن كانت للعقل في بداية الأمر لكنها تنصرف إلى عبادة الإِنسان لطائفة خاصة تزعم أن لديها القدرة العقلية لسن الشرائع والأحكام التي تحكم حياة البشر في الدماء والأموال والأعراض .. والثقافة والاجتماع والعلاقات العامة .. ولا تحتاج هذه الطائفة التي أعطت نفسها حق التشريع من دون الله أن تستند إلى شبهة مؤلف كتاب "الإِسلام وأصول الحكم" التي ناقشناها آنفاً بل الأمر عندها أبعد من ذلك.

فهذا الدكتور آصف علي فيظي الإِسماعيلي يقول في بحث له بعنوان "القانون الإِسلامي واللاهوت في الهند" إن: "مصدر القانون والدين كليهما في الإِسلام هو الله" ثم قال: "إن البحث النقدي الحديث لهذا الموضوع يجب أن يبدأ بمناقشة المعتقد اللاهوتي الذي يقول: إن الله هو واضع القانون وذلك من جهته التاريخية والفلسفية، ويجب أن يوضح السر في أن القانون عند الساميين اعتبر ذا أصل سماوي، وماذا كانت النتائج التي ترتبت على ذلك بعد، وكيف أن الجماعة الإِسلامية تحت تأثير نظريات القانون الحديث والنظريات السياسية


(١) انظر شيئاً عن الجهد الذي بذله المستشرقون لتصدير هذه الفتنة إلى العالم الإِسلامي في كتاب موقف المستشرقين .. من ثبات الشريعة وشمولها.

<<  <   >  >>