للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتطور الثقافي والعلاقات الدولية - يجب بالتدريج - أن تشير إلى تمييز (١) واضح بين القانون السماوي "الشريعة" والقانون الدنيوي "القانون" وأن تصل إلى استخدام ناقد صحيح للفقه، من هذه الزاوية، إن بحثنا هذا ليس عرضاً تاريخياً، ولكنه مجرد محاولة لإِبراز اتجاه هندي حديث لمعالجة معضلة مزمنة، إنه محاولة لاستخدام مبادئ القرن العشرين القانونية والتاريخية في فهم المعضلة الأساسية في الإِسلام ولاقتراح طريقة تمهيدية لنقد حديث للشريعة" (٢).

فهذه هي آثار النظرية الأوروبية "الجاهلية" التي تنص أن الله ليس له حق وضع الشريعة وإلزام الناس بها، وتثبت هذا الحق لغيره سبحانه .. وتراهم في كثير من عباراتهم يستندون إلى حكم العقل في إعطاء هذا الحق لغير الله، هذا هو أصلهم الذي يدافعون عنه ويدعون الناس إليه (٣).

فقد حكم هؤلاء البشر المخلوقون على ربهم بأنهم أحق منه - وهوخالقهم - بوضع الشريعة والقانون لأنهم بزعمهم أعلم بمصالحهم وأحوال أزمانهم.

وباعتبار هذا الأصل العقائدي عندهم وتفريعاً عليه حكم العقل بوجوب نقد الشريعة الإِسلامية - والناقد لا بد أن يكون أقدر على معرفة الصواب .. أو المفروض فيه أن يكون كذلك - فحكمت هذه الطائفة بأن الله ليس له حق وضع الشريعة .. وما وضعه وشرعه لا بد من نقده وإعادة النظر فيه .. هكذا تمردت هذه الطائفة على ربها وكفرت به وافترت عليه ما ليس لها به علم:


(١) من حق الإِسلام على أنصاره أن ينادوا بتمييز واضح بين حكم الله .. وحكم الجاهلية - والجاهلية كل حكم غير حكم الله - فهو الجواب الشافي .. والجهاد الحقيقي لهؤلاء الذين ينادون من جهتهم بتمييز واضح بين القوانين الوضعية وبين الشريعة الإِسلامية وإخضاع الشريعة لسيطرة القانون النقدية .. !!!
(٢) نقلاً عن كتاب الإِسلام والحضارة الغربية ١٥٤.
(٣) ولذلك قدمت لهذه الرسالة بتمهيد بينت فيه عقيدة الإِسلام في قضية الشريع وفي كل موضع مناسب تأكيد لها وتذكير بها.

<<  <   >  >>