للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ} (١).

ومن هذه الآية يعلم وجه المقارنة في الأمر الأول فهم يتعجبون أن ينزل الله سورة فيها ذكر القتال، وهؤلاء الذين نحن بصدد مناقشتهم يعجبون أن ينزل الله شريعة وأحكاماً تخضع لها الدولة.

{إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ} (٢٥)

ويقول تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} (٢).

ووجه المقارنة في الأمر الثاني ظاهر .. فليحذر كل من يقول بتلك المقالة من هذا المصير المحتوم .. ولا يفتري على الله الكذب .. ومن تاب فإن الله يتوب عليه.

ومن نافلة القول: أن نذكر بأن الحياة لا بد لها من أفراد والأفراد لا بد لهم من أسر والأسر لا بد لها من أحكام، وهؤلاء لهم أحكام خاصة وعامة، ولا بد أن يعيش هؤلاء في مجتمع تكون له صبغة معينة وتحكمه تلك الأحكام في الأموال والأعراض والدماء .. وهذا المجتمع له علاقات مع المجتمعات الأخرى .. وهذه العلاقة تحكمها أحكام معينة أيضاً وهكذا تبنى الحياة الدنيا .. ثم ينتقل الناس إلى الحياة الآخرة ..

فهل كل هذه الأحكام تركها الله سبحانه لحكم العقل لأن الدنيا لا تساوي عنده جناح بعوضة!؟

وفي الحق أنه لا يمكن لأحد وهو يعلم تلك الأقسام الخاصة بطبيعة الحياة


(١) سورة محمد: آية ٢٠.
(٢) سورة محمد: آية ٢٦،٢٥.

<<  <   >  >>