للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قومه، فقال: يا قوم! إني رأيتُ الجيش بعيني، وأنا النَّذير العُرْيان فالنّجاءَ، فأطاعه طائفةٌ منهم فأدلجوا على مهلهم فنجوا، وكذبه (١) طائفة فأصبحوا مكانهم فصبَّحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، وكذلك مثل مَنْ أطاعني واتَّبع ما جئتُ به، ومثل من عصاني، وكَذَّب بما جئتُ به من الحق" (٢)، وفي "الصحيحين" عنه (٣): "مثلي ومثل ما بعثني اللَّه به من الهدى والعلم، كمثل غيث أصاب أرضًا، فكان منها طائفة قبلتِ الماءَ فأنبتتِ الكلأَ والعُشْبَ الكثير، وكان منها أجَادِبُ أَمْسَكَت الماء، فبفع اللَّه بها الناس فشربوا وزرعوا وسَقَوا، وأصاب طائفةً أخرى منها إنما هي قيعانٌ، لا تمسك ماءً ولا تُنبت كلأ، فذلك مثل من فقُهَ في دين اللَّه ونفَعَه اللَّه بما بعثني به (٤)، فعَلِمَ وعَلَّم، ومثلُ مَنْ لم يرفع بذلك رأسًا، ولم يقْبل هدى اللَّه الذي أُرْسِلتُ به" (٥) وفي "الصحيحين" عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه خطب الناس فقال: "واللَّه ما الفقرَ أخْشَى عليكم، وإنما أخشى عليكم ما يُخْرجُ اللَّه لكم من زهرة الدنيا، فقال رجل: يا رسول اللَّه أو يأتي الخيرُ بالشر؟ فَصَمَتَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم قال: كيف قلت؟ فقال: يا رسول اللَّه أو يأتي الخيرُ بالشر؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الخير لا يأتي إِلا بالخير، وإنَّ مما يُنبتُ الربيعُ ما يقتل حَبَطًا أو يُلِمَّ، إِلَّا آكلة الخضرِ، أكلتْ حتى إذا امتدَّت خاصِرَتاها استقبلتِ الشمسَ فَثَلَطَتْ وبالت (٦)، ثم


(١) في (د): "وكذبته".
(٢) أخرجه الرامهرمزي في "الأمثال" (رقم ١٠) من حديث أبي موسى، واللفظ له، والمصنف ينقل منه، وأخرجه البخاري في "صحيحه" (كتاب الرقاق، باب الانتهاء عن المعاصي، (١١/ ٣١٦/ رقم ٦٤٨٢)، وكتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، (١٣/ ٢٥٠/ رقم ٧٢٨٣)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب الفضائل، باب شفقته -صلى اللَّه عليه وسلم- على أمته ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم، ٤/ ١٧٨٨/ ١٨٧٩ رقم ٢٢٨٣) من حديث أبي موسى مرفوعًا: "إن مثلي ومثل ما بعثني اللَّه به كمثل رجل أتى قومه، فقال: يا قوم! إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العُريان؛ فالنَّجاء. . . ".
ووقع في (ك): "ومثل ما بعثني اللَّه به".
(٣) في (ق): "عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-".
(٤) في المطبوع: "ونفعه ما بعثني اللَّه به".
(٥) أخرجه البخاري في "الصحيح" (كتاب العلم): باب فضل من عَلِمَ وعَلَّم، (رقم ٧٩)، ومسلم في "الصحيح" (كتاب الفضائل): باب بيان مثل ما بُعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الهدى والعلم (رقم ٢٢٨٢) من حديث أبي موسى أيضًا. واللفظ للرامهرمزي في "الأمثال" (رقم ١٢) وعنده: "وأصاب طائفة أخرى منها الماء وهي قيعان. . . " وقبلها: "فشربوا ورعوا وسقوا".
(٦) "الحبط": الهلاك: "يلم": يقرب. "الخضر": نوع من البقول ليس من أحرارها وجيدها. "ثلط البعير": ألقى رجيعه سهلًا رقيقًا. (و).

<<  <  ج: ص:  >  >>