للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قوله: "واتقوا الشح". قال جماعة: الشح أشد البخل، وأبلغ في المنع من البخل. وقيل: هو البخل مع الحرص. وقيل: البخل في بعض الأمور، والشح عام. وقيل: البخل بالمال خاصة، والشح بالمال والمعروف. وقيل: الشح الحرص على ما ليس عنده، والبخل بما عنده.

وقوله: "فإنه أهلك من كان قبلكم". يحتمل أن يريد الهلاك الدنيوي المفسر بما بعده في تمام الحديث، وهو قوله: "حملهم على أن يسفكوا دماءهم ويستحلوا محارمهم". وهذا هلاك دنيوي، والحامل لهم هو شحهم على حفظ المال وجمعه وازدياده وصونه عن أن يذهب في النفقة، فطلبوا أن يصان بما ينضم إليه من مال الغير الذي لا يدرك إلا بالإغارة المفضية إلى القتل واستحلال المحارم، ويحتمل أن يراد الهلاك الأخروي الحاصل بما اقترفوه من هذه المظالم، ويحتمل أن يراد مجموع هلاكي (أ) الدنيا والآخرة.

والحديث فيه دلالة على قبح الشح وتحريمه، ويكون المحرم منه ما أدى إلى منع واجب شرعي أو عرفي، وما زاد على ذلك فهو معدود من السخاء، وهو صفة كمال ممدوح ما لم يفض إلى إسراف، كما قال الله تعالى في حق نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} (١). وكما قيل (٢):

* كلا طَرَفي قَصْدِ الأُمور ذميمُ *

وخير الأمور أوسطها، وحاصل الأمر أن المال إذا كان موجودًا فينبغي أن يكون حال صاحبه الإيثار والسخاء واصطناع المعروف بالتي هي أحسن،


(أ) في جـ: هلاك.