للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الحديث فيه دلالة على فضيلة الزهد، وأن الزهد سبب في محبة الله للعبد، التي هي أشرف المقاصد وأفضل المطالب، وكذلك الزهد فيما عند الناس؛ فإنه لا يرق المرء لغيره ويستحكم عليه نفاذ ما طلب منه إلا إذا كان له طمع فيما عند الناس، ويحصل بذلك إهانته والتبرم من حاله وكراهة مقامه.

١٢٣٩ - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي ". أخرجه مسلم (١).

قوله: "إن الله يحب". قال العلماء: محبة الله لعبده هي إرادته الخير له، وهدايته ورحمته، ونقيض ذلك البغض، وهو إرادة عقابه وشقاوته (٢).

وقوله: "التقي". وهو الآتي بما يجب عليه من التكاليف، و "الغني". المراد به غنى النفس، وهو الغنى المحبوب؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولكن الغنى غنى النفس" (٣).

وأشار القاضي عياض (٤) إلى أن المراد به غنى المال، وهو محتمل.

وقوله: "الخفي". بالخاء المعجمة، هذا هو الموجود في النسخ والمعروف في روايات مسلم، وذكر القاضي عياض أن بعض رواة مسلم رووه بالمهملة، ومعناه بالمعجمة الخامل المنقطع إلى العبادة والاشتغال بأمور نفسه، ومعناه بالمهملة الوَصُول للرحم اللطيف بهم وبغيرهم من الضعفاء.

وفي الحديث دلالة على تفضيل الاعتزال وترك الاختلاط بالناس، وفي ذلك خلاف، وقد يحمل هذا على ترك الاختلاط في أيام الفتنة، كما قد


(١) مسلم، كتاب الزهد والرقائق ٤/ ٢٢٧٧ ح ٢٩٦٥.
(٢) ينظر ما تقدم ص ٧٣ حاشية (٢).
(٣) البخاري ١١/ ٢٧١ ح ٦٤٤٦، ومسلم ٢/ ٧٢٦ ح ١٠٥١.
(٤) ينظر شرح مسلم ١٨/ ١٠٠.