للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بالنظر إلى ما يناظرها في المفسدة، فهي أكبر مما يناظرها في المفسدة، وهي التسبب إلى أكل المال بالباطل، وهذا التأويل هو متعين؛ لأن الحمل على الكفر بعيد؛ فإنه قد ذكر الإشراك بالله، ولأنه خرج مخرج الزجر عن شهادة الزور في الحقوق المالية، وأما قبح الكفر وكونه أكبر الكبائر فذلك معروف ولا يتشكك فيه أحد من أهل القبلة، وظاهر الحديث أنه لا فرق في شهادة الزور بين أن يكون المشهود به حقيرًا أو عظيمًا، وقد يحتمل أن يقال مثل ما تقدم في حد الكبيرة. انتهى كلام النووي مع تصرف فيه.

وفي تمام الحديث تهويل وتحذر؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - جلس وكان متكئًا، ثم أتى بحرف التنبيه؛ ليلقي الخاطب سمعه لما يُحذر منه، ثم أعاد اللفظ ثلاث مرات، ولعل سبب الاهتمام بذلك كون قول الزور أو شهادة الزور أسهل وقوعًا على اللسان، والتهاون بها أكثر؛ فإن الإشراك ينبو عنه قلب المسلم، والعقوق يصرف عنه حسن الطبع وكرم الخلق، وأما الزور فالحوامل عليه كثيرة؛ كالعداوة والحسد وغيرهما، [فاحتيج] (أ) إلى الاهتمام بتعظيمه، ولأن الإشراك مفسدته قاصرة لا (ب) تتعدى إلى غير المشرك القائم به الإشراك، وأما المعبود فهو الغني عن الخلق، له ما في السماوات وما في الأرض، وقول الزور مُتَعدٍّ إلى المقول فيه؛ كما قال تعالى: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} (١). وقد جاء في لفظ في البخاري: "ألا وقول الزور


(أ) في ب، جـ: واحتيج. والمثبت من الفتح ٥/ ٢٦٣.
(ب) ساقطة من: جـ.