للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

الحكم فإن حكم فأصاب اتفاقا فلا أجر له بل هو آثم، وهو أحد الثلاثة الذي مرَّ ذكرهم (١)، وهو عاص في جميع أحكامه سواء وافق الصواب أم لا، وهي مردودة كلها ولا يعذر في شيء من ذلك. وقال أبو حنيفة: يجوز أن يكون عامِّيًّا. وحكي عن مذهب مالك. وقال الكرابيسي صاحب الشافعي في كتاب "أدب القضاء" (٢): لا أعلم بين (أ) العلماء ممن سلفى خلافا أن أحق


= بألفاظ إمامه ومعانيها ألفاظ الشارع ومعانيها ونزل الأحكام عليها إذا لم يجد نصا شرعيا عوضا عن تنزيلها على مذهب إمامه فيما لم يجده منصوصا. تالله لقد استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير من معرفة الكتاب والسنة إلى معرفة كلام الشيوخ والأصحاب وتفَهُّم مرامهم والتفتيش عن كلامهم، ومن المعلوم يقينا أن كلام الله تعالى وكلام رسوله أقرب إلى الأفهام وأدنى إلى إصابة بلوغ المرام، فإنه أبلغ الكلام بالإجماع، وأعذبه في الأفواه والأسماع، وأقربه إلى الفهم والانتفاع، ولا ينكر هذا إلا جلمود الطاع، ومن لا حظ له في النفع والانتفاع. والأفهام التي فهم بها الصحابة الكلام الإلهي والخطاب النبوي هي كأفهامنا، وأحلامهم كأحلامنا، إذ لو كانت الأفهام متفاوتة تفاوتا يسقط معه فهم العبارات الإلهية والأحاديث النبوية لما كنا مكلفين ولا مأمورين ولا منهيين، لا اجتهادا ولا تقليدا، أما الأول فلاستحالته، وأما الثاني فلأنا لا نقلد حتى نعلم أنه يجوز لنا التقليد، ولا نعلم ذلك إلا بعد فهم الدليل من الكتاب والسنة على جوازه لتصريحهم بأنه لا يجوز التقليد في جواز التقليد، فهذا الفهم الذي فهمنا به هذا الدليل نفهم به غيره من الأدلة من كثير وقليل، على أنه قد شهد المصطفى بأنه يأتي من بعده من هو أفقه ممن في عصره وأوعى لكلامه حيث قال: "فرب مبلَّغ أفقه من سامع". وفي لفظ: "أوعى له من سامع". والكلام قد وفيناه حقه في الرسالة المذكورة. كذا من سبل السلام. قلت: وممن أبلغ في إيضاح هذه المسألة السيد الإِمام العلاء عز الدين محمَّد بن إبراهيم الوزير في كتابه "العواصم" ومختصره "الروض الباسم".
(أ) في جـ: من.