عدي (١) وأبي ثعلبة (٢) محمول على الندب، وذلك لأنهما كانا يصيدان على ما عهداه في الجاهلية، فعلمهما النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الصيد والذبح؛ فرضه ومندوبه، لئلا يقعا في مشتبه ويأخذا بأكمل الأحوال في المستقبل، وأما الذين سألوا عن أكل اللحم المذكور، فإنهم سألوا عن أمر قد وقع ويقع من غيرهم ليس لهم قدرة على الأخذ بالأكمل، فبين لهم أصل الحل. والأولى أن يقال: إن الحديث لا دلالة له (أ) على ذلك، وإنما دلالته على أنه لا عليكم أن تعلموا ذلك؛ لأنه يحمل على الصحة جميع ما يجلب إلى أسواق المسلمين، وكذا ما ذبحه أعراب السلمين؛ لأنهم قد عرفوا التسمية. قال ابن عبد البر (٣): لأن المسلم لا يظن به في كل شيء إلا الخير حتى يتبين خلاف ذلك. ويكون الجواب بقوله:"فسموا" إلى آخره. من تلقي السائل بغير ما يتطلب؛ تنبيهًا على أنه الأولى بأن يهتم به، فكأنه قال: لا تهتموا أنتم بالسؤال عن ذلك، بل الذي يهمكم أنتم أن تذكروا اسم الله وتأكلوا. وهذا من الأسلوب الحكيم. وقد ذهب بعضهم إلى أن هذا الحديث منسوخ بآية "الأنعام": {وَلَا تَأكلُوا}(٤) الآية. وتمسك بالزيادة التي في رواية مالك. وأجيب عنه بأن الحديث وقع في حق أعراب المدينة، وآية "الأنعام" مكية بالاتفاق. وقد جاء في رواية ابن عيينة (٥): "اجتهدوا أيمانهم وكلوا". أي: حلِّفوهم على أنهم سمّوا حين ذبحوا. والزيادة غريبة لكن ابن عيينة