ارتكبه في الحرم لا يعيذه، وكذلك إذا لجأ إلى الحرم. وذهب الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى العمل بقوله - صلى الله عليه وسلم - في خطبة ثاني [يوم الفتح](أ) في تحريم الحرم فلا يحل لأحد أن يسفك بها دمًا، وعموم قوله تعالى:{وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}(١). وكان ذلك متأصلًا في عهد إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - أن الحرم يعيذ العصاة، واستمر في الجاهلية، وقام الإسلام على ذلك، وكانت العرب في جاهليتها يرى أحدهم قاتل أبيه وابنه في الحرم فلا يهيجه، وأخرج الإمام أحمد (٢) عن عمر بن الخطاب أنه قال: لو وجدت فيه قاتل الخطاب ما مسسته حتى يخرج منه. وعن عبد الله بن عمر (٣) أنه قال: لو وجدت فيه قاتل عمر ما ندهته (٤). وعن ابن عباس (٥) قال: لو وجدت قاتل أبي في الحرم ما هجته حتى يخرج منه. وهذا قول جمهور التابعين، وإليه ذهب أبو حنيفة ومن وافقه من أهل العراق، والإمام أحمد ومن وافقه من أهل الحديث، وهو مذهب العترة، وأجيب عما احتج به الأولون: أما عموم
(أ) في جـ: يوم النحر. وضرب على "يوم". والمثبت كما في البخاري ٤/ ٤١ ح ١٨٣٢، ومسلم ٢/ ٩٨٧ ح ١٣٥٤.