وقوله:"فإنما الرضاعة من المجاعة". تعليل للباعث على إمعان النظر والفكر، بأن الرضاعة التي تثبت بها الحرمة وتحل بها الخلوة هي حيث يكون الرضيع طفلًا يسد اللبن جوعته؛ لأن معدته ضعيفة يكفيها اللبن، وينبت بذلك لحمه فيصير جزءًا من المرضعة، فيشترك في الحرمة مع أولادها، فهو في قوة:[لا رضاعة](أ) معتبرة إلا المغنية عن المجاعة، أو المطعمة من المجاعة. كقوله تعالى:{أَطْعَمَهُمْ من جُوعٍ}(١). ويؤيده حديث ابن مسعود الآتي:"لا رضاع إلا ما أنشز العظم وأنبت اللحم"(٢). وحديث أم سلمة:"لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء"(٣). أخرجه الترمذي وصححه. والحديث فيه دلالة على أن الرضاع إنما يثبت له الحكم حيث كان الصبي يحتاجه لسد جوعته، وهو من يعتاد مثله الاكتفاء باللبن، وتعلق الحكم بالمظنة وإن كان الناس يختلف حالهم في ذلك ولم يكن فيه تحديد. مدة ولا تقدير ما الَّذي يحصل به ذلك، ففيه إجمال بالنظر إلى هذا الحكم، قال المصنف (٤) رحمه الله تعالى: يمكن أن يستدل به على أن الرضعة الواحدة لا تحرم؛ لأنها لا تغني من جوع، وإذا كان يحتاج إلى تقدير فأولى ما يؤخذ به ما قدرته الشريعة وهو خمس رضعات، واستدل به على أن التغذية بلبن المرضعة تحرم، سواء كان بشرب أم أكل بأي صفة كان؛ وَجُورًا