للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عقبة بن الحارث، أنَّه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت أمة سوداء فقالت: قد أرضعتكما. فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "كيف وقد زعمت أن قد أرضعتكما؟ ". ولم يسأل عن عدد الرضاع، قالوا: ولأنه قد يتعلق به التحريم، فاستوى قليله وكثيره كالوطء الموجب له، ولأن إنشاز العظم وإنبات اللحم يحصل بقليله وكثيره، ولأن أصحاب العدد قد اختلفت أقوالهم في الرضعة وحقيقتها واضطربت أشد الاضطراب، وما كان هكذا لم يجعله الشارع نصابًا؛ لعدم ضبطه والعلم به.

وحجة من قال بتحريم ما زاد على الاثنتين، أنَّه قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "لا تحرم المصة والمصتان". وفي رواية (١): "الإملاجة والإملاجتان". وفي حديث آخر (٢): أن رجلًا قال: يا رسول الله، هل تحرم المصة الواحدة؟ قال: "لا". وهذه الأحاديث صحيحة رواها مسلم في "صحيحه"، فهي دالة نصًّا على أن الواحدة والاثنتين لا تحرمان، ويؤخذ من مفهوم العدد أن الزائد على ذلك يحرم، ويدل عليه عموم الآية الكريمة. قالوا: ولأن ما يعتبر فيه العدد والتكرار يعتبر فيه الثلاث، ولأنها أول مراتب الجمع، وقد اعتبرها الشارع في مواضع كثيرة، وحجة من اعتبر الخمس ما سيأتي من حديث عائشة رضي الله عنها، وقد أخبَرت عائشة بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - توفي والأمر على ذلك (٣). وقوله - صلى الله عليه وسلم - لسهلة بنت سهيل: "أرضعي سالمًا خمس رضعات تحرمي عليه" (٤). والعمل به لا يخالف حديث: "المصة


(١) مسلم ٢/ ١٠٧٤ ح ١٤٥١/ ١٨.
(٢) مسلم ١/ ١٠٧٥ ح ١٤٥١/ ٢٣.
(٣) مسلم ٢/ ١٠٧٥ ح ١٤٥٢/ ٢٤، وأبو داود ٢/ ٢٣٠ ح ٢٠٦٢.
(٤) مالك ٢/ ٦٠٥ ح ١٢، وأحمد ٦/ ٢٠١، وسيأتي ح ٩٣٤ بدون موضع الشاهد.