للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عرفت ما في حديث الأسود وغيره، وكذلك قول الإمام المهدي في "البحر"، في الرد على من قال: لا خيار في الحر. قلنا: بل اجتهاد، يعني قول عائشة: ولو كان حرًّا لما خيرها. ومعارض بما روينا، والعلة ملكها نفسها؛ بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ملكت نفسك فاختاري" (١). ولم يفصل. انتهى. فبما ظهر لك لا تقوم المعارضة.

وقال ابن القيم (٢): مبنى خلاف الفقهاء على تحقيق المناط في إثبات الخيار، وفيه ثلاثة مآخذ؛ أحدها: زوال الكفاءة، وهو قولهم: كانت تحت ناقص. الثاني: أن عتقها أوجب للزوج ملك طلقة ثالثة عليها لم تكن مملوكة له بالعقد، وهذا مأخذ أصحاب أبي حنيفة، وبَنَوه على أصلهم أن الطلاق معتبر بالنساء لا بالرجال. الثالث: ملكها نفسها. وضعف الأول بأنه مبني على أن الكفاءة معتبرة في الدوام كما هي معتبرة في الابتداء، مع أن ذلك غير مُعتبر؛ إذ لا يشترط دوام الشروط واستمرارها، وكذلك الكفاءة؛ فإنه لو فسق الزوج لم يثبت الخيار، وهو اختيار الحنابلة والمالكية، والثاني بأنه لا مناسبة بين ثبوت طلقة ثالثة وبين ثبوت الخيار لها، ورجح المأخذ الثالث بأن السيد عقد عليها بحكم الملك حيث كان مالكًا لرقبتها ومنافعها، والعتق يقتضي تمليك الرقبة والمنافع للمعتق، وهذا مقصود العتق وحكمته، فإذا ملكت رقبتها ملكت بضعها ومنافعها، ومن جملتها منافع البضع، فلا يملك عليها إلا باختيارها، فخيرها الشارع بين أن تقيم مع زوجها وبين أن تفسخ


(١) ابن سعد في الطبقات ٨/ ٢٥٩ من مرسل الشعبي، والدارقطني ٣/ ٢٩٠ من حديث عائشة بنحوه.
(٢) زاد المعاد ٥/ ١٦٩، ١٧٠.