والمراد بأنه لم يقض فيها: هو ما فُهم من صمته من عدم رغبته فيها.
وفي رواية حماد (١): قال: "ما لي في النساء حاجة". ويجمع بينها وبين غيرها أنه قال ذلك في آخر الحال، فكأنه صمت أولًا ليُفْهِم (أ) أنه لم يُردها، فلما أعادت الطلب أوضح لها باللفظ. ووقع في حديث أبي هريرة عند النسائي (٢): جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرضت نفسها عليه فقال لها:"اجلسي". فجلست ساعة ثم قامت، فقال لها:"اجلسي بارك الله فيك، أما نحن فلا حاجة لنا فيك".
ويؤخذ منه وفور أدب المرأة مع شدة رغبتها؛ لأنها لم تبالغ في الإلحاح في الطلب، وفهمت من السكوت عدم الرغبة، لكنها لما لم تيأس من الرد، جلست تنتظر الفرج. وسكوته - صلى الله عليه وسلم -؛ إما حَيَاءً من مواجهتها بالرد، وكان - صلى الله عليه وسلم - شديد الحياء جدًّا كما ورد في صفته أنه كان أشد حياءً من العذراء في خِدرها (٣)، وإما انتظارًا للوحي، وإما تفكرًا في جواب يناسب (أ) المقام.
وقوله: فقام رجل من أصحابه. قال المصنف رحمه الله تعالى (٤): لم أقف على اسمه، ووقع في رواية معمر والثوري عند الطبراني (٥): فقام رجل
(أ) كذا في الأصل، جـ. وفي ب غير منقوطة، وفي الفتح ٩/ ٢٠٦: لتفهم.