للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا أخبرت به عائشة رضي الله عنها، ويؤخذ من هذا أن الدين إذا علم الميت أن صاحب الدين لا يفوت عليه شيء من دينه بعده أنه لا يجب عليه الوصية به؛ وهو إذا كان معه بينة واضحة أو علم به الورثة وأمن منهم الجحود.

فائدة: أخرج عبد الرزاق (١) وسنده صحيح عن أنس رضي الله عنه قال: كانوا يكتبون في صدور وصاياهم: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به فلان بن فلان؛ أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأَوْصى مَن ترك من أهله أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (٢).

وقوله في الحديث: "امرئ مسلم". الامرؤ المراد به الرجل وقد خرج مخرج الغالب، وإلا فلا فرق في الوصية بين الرجل والمرأة، وسواء كانت مزوجة أو فارغة، بإذن الزوج أو لا، إذ هي تحصيل قربة أخروية عند انقضاء العمر في قدر مأذون فيه شرعًا، والوصف بالإسلام كذلك خرج مخرج الغالب أو هو للتهييج والإلهاب لتقع المبادرة لامتثاله؛ لما يشعر من نفي الإسلام عن تارك ذلك، ووصية الكافر جائزة في الجملة (أ)، وادعى ابن المنذر الإجماع من أهل العلم الذين يحفظ عنهم، وفي "البحر": ويصح بين أهل


(أ) زاد في النسخ: وقد ذهب الفقهاء الأربعة وغيرهم. والمثبت كما في الفتح ٥/ ٣٥٧.