وقد مات فيه جمع جم، وكل واحد جائز أن يموت في الحال، فينبغي أن يكون متأهبًا لذلك، فيكتب وصيته ويجمع فيها ما يحصل له به الأجر ويحط عنه (أ) الوزر من حقوق الله وحقوق عباده. ومطلقها يتناول الصحيح، لكن السلف خصّوها بالمريض.
وفي قوله:"شيء". يستدل به على صحة الوصية بالمنفعة وهو قول الجمهور. وقال ابن أبي ليلى وابن شبرمة وداود وأتباعه واختاره ابن عبد البر (١): إنه لا يصح الإيصاء بالمنفعة؛ اعتمادًا على رواية:"له مال". فتكون هذه الرواية مفسرة للفظ "شيء" في الرواية الأخرى.
وقوله:"مكتوبة". أعم من أن تكون مكتوبة بخطه أو بخط غيره، ويستفاد منه أن الأشياء المهمة ينبغي أن تضبط بالكتابة، لأنها أثبت من الضبط بالحفظ، لتجويز النسيان غالبًا، والله أعلم.
فائدة: اختلف في كونه - صلى الله عليه وسلم - أوصى أم لا، فروى البخاري (٢) عن ابن أبي أوفى أنه قال: إنه - صلى الله عليه وسلم - لم يوص. جوابًا لمن سأله عن ذلك. ويؤول بأنه أراد أنه لم يوص بالثلث كما فعله غيره، لأنه لم يترك بعده مالًا، وأما الأرض فقد كان سبَّلها، وأما السلاح والبغلة ونحو ذلك فقد أخبر أنها لا تورث بل هي صدقة. كذا ذكر النووي (٣)، وأما الذهَيبة فسأل عائشة عنها في مرضه قال:"ما فعلت الذهيبة؟ ". قالت: هي عندي. فقال:"أنفقيها". أخرجه