والفريقان: ولا يعمل بالكتاب إلا ببينة كاملة أنه كتابه. أبو ثور: يجوز؛ لعملهم بكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير شهادة. الإصطخري ومالك والعنبري: إن عرف الخط والختم عمل به وإلا فلا. قلنا: تشتبه الخطوط والختوم. انتهى. هذا كلامه وقد يجاب عما زدته من الاشتباه أن الاحتمال لا يمنع العمل كالعمل بالشهادة، فإن الاحتمال حاصل فيها والعمل باليمين وغير ذلك. وقال في "الهدي النبوي"(١) في حديث أنه - صلى الله عليه وسلم - بعث عبد الله بن جحش ومعه سرية إلى نخلة ترصد عيرًا لقريش، وأعطاه كتابًا مختومًا وأمره ألا يقرأه إلا بعد يومين ... الحديث: في هذه القصة من الفقه إجازة الشهادة على الوصية المختومة، وهو قول مالك وكثير من السلف، وعليه يدل حديث "الصحيحين": "ما حق امرئ" الحديث. وفيها (أ) أنه لا يشترط في كتاب الإمام والحاكم البينة، ولا أن يقرأه الإمام والحاكم على الحامل له، وكل هذا لا أصل له من كتاب ولا سنة، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدفع كتبه مع رسله، ويسيرها إلى من يكتب إليه، ولا يقرؤها على حاملها، ولا يقيم عليها شاهدين، وهذا معلوم بالضرورة من هديه وسنته.
وقال في "العواصم": إنه يجوز العمل بالخط. ورواه عن المنصور بالله مع غلبة الظن بالصدق، وهو قوي راجح. والله أعلم.
وفي الحديث دلالة على أنه ينبغي للمرء التأهب للموت والاحتراز قبل الفوت؛ لأن الإنسان لا يدري متى يفجؤُه الموت؛ لأنه ما من سنّ تفرض إلا