للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يكن لهم أرض، فأمروا بالتكرم للمواساة، مثل ما نهوا عن ادخار لحوم الأضاحي ليتصدقوا بذلك، ثم بعد توسع الملك للمسلمين زال الاحتياج، فأبيح لهم المؤاجرة وتصرف المالك في ملكه بما شاء من إجارة أو غيرها، ويدل على ذلك ما وقع من المؤاجرة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين، ومن البعيد غفلتُهم عن النهي وترك إشاعة رافع لذلك في هذه المدة، وذكره في آخر خلافة معاوية، مع أنه قد رُوي عن عروة بن الزبير، عن زيد بن ثابت أنه قال: يغفر الله لرافع، أنا والله أعلم بالحديث منه، إنما أتاه رجلان من الأنصار قد اقتتلا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن كان هذا شأنكم فلا تُكْرُوا المزارع" (١). فهو مقيد بما حصل فيه الخصام، فهو محتمل أن يكون ذلك على وجه المشورة والإرشاد دون الإلزام والإيجاب، ولكنه يجاب عنه بأنه لما كان مثل هذه المؤاجرة تؤدي إلى الخصام، وكان وجه النهي والمنع والعقود المنهي عنها التي كان سبب النهي عنها الغرر ونحوه، إنما نهي عنها لأجل ما تفضي إليه من الخصام، وتعلق النهي بالمظنة وإن لم تحصل المائنة (٢) في بعض المواد، فيكون وجه النهي عن هذه المزارعة هو ما قد يفضي إليه من الخصام، وهذا يقتضي فساد المعاملة إلا أن يمنع كون ذلك مظنة، وإنما هو أمر نادر فيتم الاحتجاج، وهذا حاصل ما ورد، والله أعلم.

٧٣٨ - وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزارعة، وأمر بالمؤاجرة. رواه مسلم أيضًا (٣).


(١) أحمد ٥/ ١٨٢، ١٨٧، وأبو داود ٣/ ٢٥٥ ح ٣٣٩٠، وابن ماجه ٢/ ٨٢٢ ح ٢٤٦١، والنسائي ٦٢١٧.
(٢) المائنة: المؤونة. اللسان (م ون).
(٣) مسلم، كتاب البيوع، باب في المزارعة والمؤاجرة ٣/ ١١٨٤ ح ١٥٤٩/ ١١٩.