للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

"لما حُبس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه نحروا بالحديبية وحلقوا وبعث الله ريحًا فحملت شعورهم فألقتها في الحرم".

وقال ابن عبد البر في الاستذكار: فهذا يدل على أنهم حلقوا في الحل، ولكنه لا يدل على المقصود فإنه يجوز أن يكونوا أرسلوا بالهدي إلى الحرم ونحر فيه وحلقوا في الحل. وقد أخرج النسائي من حديث ناجية عن أبيه جندب الأسلمي قلت: يا رسول الله ابعث معي بالهدي حتى أنحره بالحرم ففعل. إلا أنه لا يدل على الوجوب.

وظاهر القصة أن أكثرهم نحر في مكانه، وكانوا في الحل، وذلك دال على الجواز، واحتج الشافعي على أنه كان النحر في الحل بقوله تعالى: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} (١) وقد أخبر الله سبحانه - أنهم صدوهم عنه، والمحل عند أهل العلم الحرم.

واختلف العلماء أيضًا في تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (٢) فعند أبي حنيفة أن محله هو الحرم وأن المعنى حتى يعلموا أن الهدي المبعوث إلى الحرم بلغ إليه وذبح، وغيره على معنى حتى يصل هديكم محلًا يحل ذبحه فيه وهو مكان الحبس، فالآية الكريمة محتملة، ولكنه إذا ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أحدًا من أصحابه مع علمه بذلك أو أمره كما تقدم في قوله "قوموا فانحروا" نحر في الحل، فالمختار قول الجمهور، والله أعلم.


(١) سورة الفتح الآية ٢٥.
(٢) سورة البقرة الآية ١٩٦.