وقوله "الركنين اليمانيين" المراد بهما الحجر الأسود والرُّكْن اليماني أطلق عليهما ذلك تغليبًا، ويقال للركنين الآخرين الشاميين، وقد يقال لركن الحجر الأسود، والركن الذي يليه من ناحية الباب العراقيان، ويقال للركن اليماني والذي يلي الحجر من ظهر الكعبة الغربيان واليمانيان بتخفيف الياء، وهي اللغة الفصيحة المشهورة.
تنبيه: يمان مخفف يمني بتعويض الألف من إحدى ياءي النسب فبقيت الياء الأخرى مخففة، وحكى سيبويه والجوهري وغيرهما التشديد أيضًا بياء على زيادة الألف وبياء النسب بحالها، وفي هذا دلالة على استحباب استلام الركنين المذكورين واختصا بذلك لكونهما على قواعد إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - وزاد الحجر الأسود بالتقبيل لفضيلة الحجر دون الركنين الشاميين، وقد أجمعت الأمة على استحباب استلامهما، واتفق الجمهور على أنه لا يمسح الركنان الشاميان، وقد ذهب إلى استحباب استلامهما الحسنان ابنا علي - رضي الله عنهما - وابن الزبير وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وعروة بن الزبير وأبو الشعثاء جابر بن زيد.
وأخرج أحمد وابن مهدي والحاكم من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الطفيل قال: كنت مع ابن عباس ومعاوية، فكان معاوية لم يمر بركن إلا استلمه فقال ابن عباس:"إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يستلم إلا الحَجَر واليماني" فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجورًا.
وأخرج مسلم المرفوع من وجه آخر عن ابن عباس (١)، وروى أحمد أيضًا من طريق شعبة عن قتادة عن أبي الطفيل قال: "حج معاوية وابن
(١) مسلم الحج باب استحباب استلام الركنين اليمانيين في الطواف دون الركنين الآخرين ٢: ٩٢٥ ح ٢٤٧ - ١٢٦٩.