النفس وغيرها، وهو مروي عن ابن عباس وعطاء والشعبي وحجتهم عموم قوله تعالى:{وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}(١) والقياس الذي عُلِّل به مذهب الشافعي غير صحيح فإن الكلب العقور ونحوه من الخمس طبعه الأذى فلم يحرمه الحرم ليدفع أذاه عن أهله، وأما الأذى فالأصل فيه الحرمة، وحرمته عظيمة وإنما أبيح لعارض فأشبه الصائل من الحيوانات المباحة من المأكولات، فإن الحرم يعصمها، وأيضًا فإن حاجة أهل الحرم إلى قتل الكلب العقور ونحوه كحاجة أهل الحل سواء، فلو أعاذها المحرم لعظم الضرر عليهم بها وأيضًا فإن العائذ بالحرم الملتجئ إليه مُعَظّم لحرمته مستشعر بها النجاة، وهو بمنزلة التائب المتنصل المستجير برب البيت المتعلق بأستاره فلا يقاس عليه من ارتكب فيه المحظور فإنه منتهك لحرمته مُقْدِم على الجناية فيه يحتاج إلى إقامة الحدود عليه وإلا عم الفساد وعظم الشر في حرم الله سبحانه، فإن أهل الحرم كغيرهم في الحاجة إلى صيانة نفوسهم وأموالهم وأعراضهم فلو لم يشرع إقامة الحدود عليهم لتعطلت حدود الله، وعم الضرر للحرم وغيره.
٥٧٢ - وعن ابن عباس - رضي الله عنه - "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم" متفق عليه (٢).
الحديث فيه دلالة على جواز الحجامة للمحرم، وقد أجمع العلماء على جوازها في الرأس وغيره إذا كان له عذر في ذلك، وإن قطع الشعر حينئذ لكن عليه الفدية لقلع الشعر، فإن (أ) لم يقطع فلا فدية، وهذا