كتاب التسعينية

بعد الشرك بالله ذنب أعظم منه؟ وقد بينا أن ما جعله أصل دينه في الإرشاد والشامل وغيرهما، هو بعينه من الكلام الذي نصت عليه الأئمة.

ولهذا روى عنه ابن طاهر (١) أنه قال وقت الموت (٢): "لقد خضت البحر الخضم، وخليت أهل الإسلام وعلومهم، ودخلت في الذي نهوني عنه، والآن إن لم يدركني (٣) ربي برحمته فالويل لابن الجويني، وهأنذا (٤) أموت على عقيدة أمي أو عقائد عجائز نيسابور".

وقال (٥) أبو عبد الله الحسن بن العباس الرستمي (٦)، حكى لنا الإمام أبو الفتح محمد بن علي الطبري (٧) الفقيه قال: "دخلنا على الإمام

(١) هو: أبو الفضل محمد بن طاهر بن علي بن أحمد المقدسي الظاهري الصوفي، المعروف بابن القسراني. توفي سنة ٥٠٧ هـ.
يقول الذهبي: "له انحراف عن السنة إلى تصوف غير مرضي، وهو في نفسه صدوق لم يتهم، وله حفظ ورحلة واسعة".
انظر: وفيات الأعيان -لابن خلكان- ٤/ ٢٨٧، ٢٨٨. وميزان الاعتدال -للذهبي- ٣/ ٥٨٧. والوافي بالوفيات -للصفدي- ٣/ ١٦٦ - ١٦٨.
(٢) انظر قول الجويني مع اختلاف في الألفاظ في: المنتظم -لابن الجوزى - ٩/ ١٩. والعقود الدرية -لابن عبد الهادي- ص: ٧٤. وسير أعلام النبلاء -للذهبي- ١٨/ ٤٧١. وطبقات الشافعية -للسبكي- ٥/ ١٨٥.
(٣) في الأصل: يداركني. والمثبت من: س، ط، والمصادر التي ورد فيها الخبر.
(٤) في ط: وها أنا.
(٥) أورده مع اختلاف يسير: الذهبي في سير أعلام النبلاء- ١٨/ ٤٧٤. والسبكي في طبقات الشافعية- ٥/ ١٩١.
(٦) هو: أبو عبد الله الحسن بن العباس بن علي بن الحسن الرستمي الأصبهاني أحد الأئمة الفقهاء على مذهب الشافعي ومن الورعين الخاشعين. توفي سنة ٥٦١ هـ.
انظر: المنتظم -لابن الجوزي- ١٠/ ٢١٩. وطبقات الشافعية -للسبكي- ٧/ ٦٤، ٦٥. والبداية والنهاية -لابن كثير- ١٢/ ٢٦٨.
(٧) في الأصل، س: الطنزي. وهو تصحيف. والمثبت من: ط، وسير أعلام النبلاء، وطبقات الشافعية. ولم أقف له على ترجمة.