للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كثرة الزحام والتبرك به. وكانت سويقة باب البريد قد أخربوها، فشق على الناس ذلك، وحملوه وخرجوا به من باب الفرج، وبعض الناس من باب الفراديس وباب النصر وباب الجابية من كثرة الناس. وامتد العالم إلى سوق الخيل وامتلأ، فصلى عليه أخوه زين الدِّين عبد الرحمن، ثم حمل من سوق الخيل فمُرَّ به تحت القلعة المحروسة. والله العظيم، لقد رأيت الناس قاعدين على الطريق يمينًا وشمالًا، الرجال والنساء مختلطين كأنهم ينتظرون عبور السلطان، ومنهم من يبكي، ومنهم من يضج ويصيح، ومن يتأسف، ومنهم من يتفرج. فلما وصلت إلى مقبرة الصوفية رأيتها وقد امتلت بالعالم، وقد حفروا قبره إلى جانب أخيه الشيخ شرف الدين. وحضر أخوه زين الدِّين وحوله نُقباءُ يحموه (١) من الناس، حتى شاهد القبر قبل وضع أخيه، وتأخرت الجنازة إلى قريب العصر حتى وضع في قبره وألحدوه وطم عليه ولقنوه، وبعد ذلك انصرف الناس أولًا بأول متأسفين عليه.

وكنت من حيث حضرت إلى الجامع المعمور شرعت في قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فقريت (٢) إلى حيث دفن وانصرفت من عند قبره ألف مرة ومائة مرة وأحد عشر (٣) مرة، قل هو الله أحد، والمعوذتين، وفاتحة الكتاب، وآية الكرسي، وأهديت ثواب ذلك جميعه إليه، وطلبت له من الله تعالى المغفرة والمفاداة والرضوان، ووصلت إلى بيتي أذان العصر. وبعد انصرافي ذكروا أن بعض الأمراء أحضر خيمة كبيرة نصبت على قبره، وحضر جماعة من القراء


(١). الصواب: «يحمونه».
(٢). الصواب: «فقرأت».
(٣). الصواب: «إحدى عشرة».

<<  <   >  >>