يحفظ إلا هذا الحديث، يتخذه عدة لما هو عليه من محبة الدنيا والافتتان بها وبأهلها وهو قولهم:"اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا"، لأن الراوي الذي وقف على هذا الحديث مختصرًا وهو قوله:"اعمل عمل امرئ يظن أنه لن يموت أبدا واحذر حذر امرئ يخشى أن يموت غدا"، فهم أن المراد بالشطر الاول وهو الأمر بالعمل العمل للدنيا، وبالشطر الثاني وهو الأمر بالحذر العمل للآخرة، فرواه على هذا المعنى فأخرجه ابن قتيبة في عيون الأخبار عن أبي حاتم عن الأصمعي عن حماد بن سلمة عن عبيد اللَّه بن العيزار عن عبد اللَّه بن عمرو أنه قال:"احرث لدنياك كأنك تعيش أبدا واحرث لأخرتك كأنك تموت غدا".
ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده فبين أن في هذا السند انقطاعًا، لأنه رواه من طريق ابن عمر الصفار عن عبد اللَّه بن العيزار قال: لقيت شيخًا بالرملة من الأعراب كبيًا، فقلت: أما لقيت أحدًا من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: نعم. فقلت: من؟ قال: عبد اللَّه بن عمرو بن العاص. فقلت له: فما سمعته يقول؟ قال: سمعته يقول: "احرز لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا" هكذا ذكره موقوفًا، وهو في الأصل مرفوعًا، وكأن الذي تصرف فيه ورواه على هذا المعنى الباطل المنكر هو ابن العيزار فإنه مجهول.
ويؤيد ذلك أن ابن عجلان رواه عن مولى لعبد اللَّه بن عمرو الذي يحتمل أن يكون هو هذا الشيخ فذكره مرفوعًا بلفظ آخر وهو الذي قدمناه، وذكره المصنف في الكتاب وهو أيضًا مختصر.
وأصل الحديث ما رواه جماعة منهم البيهقي الذي عزاه المصنف إليه فقال في باب القصد في العبادة والجهد في المداومة من سننه [٣/ ١٨، ١٩]: