للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال شيخنا: قياس المذهب يضمنه.

الحادي والثلاثون بعد المائة: إذا غصب مالًا وبنى به رباطًا ومسجدًا أو قنطرة، فهل ينفعه أو يكون الثواب للمغصوب منه؟

قال ابن عقيل: لا ثواب على ذلك لواحد منهما، أما الغاصب؛ فعليه العقوبة وجميع تصرفاته في مال الغير آثام متكررة.

وأما صاحب المال؛ فلا وجه لثوابه؛ لأن ذلك البناء لم يكن له (١) فيه نية ولا حِسبة وما لم يكن للمكلف فيه حسبة ولا نية: فلا يثاب عليه، وإنما يطالب غاصبه يوم القيامة فيأخذ من حسناته بقدر ماله.

قال العلامة ابن القيم: قُلت: في هذا نظر؛ لأن النفع الحاصل للناس متولِّد من مال هذا، وعمل هذا، والغاصب وإن عُوقب على ظلمه وتعديه واقتص المظلوم من حسناته، فما تولّد من نفع الناس بعمله له (٢)، وغصب المال عليه، وهو لو غصبه وفسق به لعوقب عقوبتين، فإذا غصبه وتصدق به أو بنى به رباطًا أو مسجدًا أو افتكَّ به أسيرًا فقد عمل خيرًا وشرًا {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (٣).

وأما ثواب صاحب المال؛ فإنه وإن لم يقصد ذلك: فهو متولد من مال اكتسبه، فقد يتولّد من كسبه خير ولم يقصده، فيشبه ما يحصل له من الخير بولده البرِّ كان لم يقصد ذلك الخير، وأيضًا؛ فإن أَخْذَ مالِهِ مصيبة فإذا أنفق في خير فقد تولد له (٤) من المصيبة خير، والمصائب إذا ولَّدت خيرًا.


(١) "له" سقطت من "ق".
(٢) "له" سقطت من "ق".
(٣) ما بين المعقوفتين سورة الزلزلة آية (٧، ٨) سقطت من "ق".
(٤) "له" سقطت من "ق".

<<  <   >  >>