ويمكن أن يتقوّى بثبوت نسخ الوعيد المذكور في حقّهم , وهو التّحريق بالنّار كما أخرج البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أنه قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعث وقال لنا: إن لقيتم فلانا وفلانا - لرجلين من قريش سماهما - فحرقوهما بالنار , قال: ثم أتيناه نودّعه حين أردنا الخروج، فقال: إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلاناً وفلاناً بالنار، وإن النار لا يعذب بها إلاَّ الله، فإن أخذتموهما فاقتلوهما.
وكذا ثبوت نسخ ما يتضمّنه التّحريق من جواز العقوبة بالمال.
ويدلّ على النّسخ الأحاديث الواردة في تفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفذّ كما تقدم بيانه في الحديث الذي قبل هذا، لأنّ الأفضليّة تقتضي الاشتراك في أصل الفضل، ومن لازم ذلك الجواز.
العاشر: أنّ المراد بالصّلاة. الجمعة لا باقي الصّلوات، ونصره القرطبيّ.
وتعقّب: بالأحاديث المصرّحة بالعشاء، وفيه بحثٌ , لأنّ الأحاديث اختلفت في تعيين الصّلاة التي وقع التّهديد بسببها. هل هي الجمعة أو العشاء، أو العشاء والفجر معاً؟.
فإن لَم تكن أحاديث مختلفة ولَم يكن بعضها أرجح من بعض وإلاَّ وقف الاستدلال، لأنّه لا يتمّ إلاَّ إن تعيّن كونها غير الجمعة، أشار إليه ابن دقيق العيد، ثمّ قال: فليتأمّل الأحاديث الواردة في ذلك. انتهى.
وقد تأمّلتها فرأيت التّعيين ورد في حديث أبي هريرة وابن أمّ مكتوم