ويتعين أحياناً على من له القدرة عليه وحده إذا لَم يترتب على إنكاره مفسدة أشد من مفسدة المنكر، فلو علِم أو غلب على ظنه أنه لا يفيد سقط الوجوب وبقي أصل الاستحباب بالشرط المذكور، فلو تساوت المفسدتان تخير.
وشرْطُ الناصرِ أن يكون عالماً بكون الفعل ظلما. ويقع النصْر مع وقوع الظلم وهو حينئذ حقيقة، وقد يقع قبل وقوعه كمن أنقذ إنسانا من يد إنسان طالبه بمال ظلما وهدده إن لَم يبذله , وقد يقع بعد وهو كثير.
تكميل: أخرج الشيخان عن أنس - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً , فقال رجلٌ: يا رسولَ الله، أنصره إذا كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: تحجزه، أو تمنعه، من الظلم. فإنَّ ذلك نصره ".
ولمسلم في حديث جابر نحو الحديث. وفيه " إن كان ظالماً فلينهه فإنه له نصرة ".
قال ابن بطال: النصر عند العرب الإعانة، وتفسيره لنصر الظالم بمنعه من الظلم من تسمية الشيء بما يئول إليه، وهو من وجيز البلاغة.
قال البيهقي: معناه أنَّ الظالم مظلوم في نفسه فيدخل فيه ردع المرء عن ظلمه لنفسه حسا ومعنى، فلو رأى إنساناً يريد أن يجب نفسه لظنه أن ذلك يزيل مفسدة طلبه الزنا مثلاً منعه من ذلك , وكان ذلك